أحدها : أن يكون الحكم سواء كان فعليّا أو شأنيّا تابعا للأمارات بحيث لا يكون في حقّ الجاهل مع قطع النظر عن قيام الأمارات وعدمها حكم. وعليه فيكون الأحكام الواقعيّة مختصّة في الواقع بالعالمين بالأمارات والطرق ، والجاهل بالحكم الواقعي مع قطع النظر عن مؤدّى الأمارات لا حكم له. وهذا هو التصويب الباطل عند أهل الصواب من التخطئة وقد تواترت الأخبار بوجود الحكم المشترك بين العالم والجاهل.
فلا يمكن الجواب عن وجوه استحالة التعبّد بالأمارات بهذا الوجه ؛ بدعوى أنّ الحكم عليه واحد ، وهو مفاد الأمارات ، فلا يلزم اجتماع الضدّين لا في الأحكام ولا في مباديها ولا في ملاكاتها.
وثانيها : أن يكون الحكم الفعلي تابعا لهذه الأمارات ، بمعنى أنّ لله في كلّ واقعة حكما يشترك فيه العالم والجاهل لو لا قيام الأمارات على خلافها ، بحيث يكون قيامها مانعا عن فعليّة الأحكام الواقعيّة ؛ لكون مصلحة سلوك هذه الأمارات غالبة على مصلحة الأحكام الواقعيّة ؛ فالحكم الواقعي فعلي في حقّ غير الظانّ بخلافه ، وشأنيّ في حقّه بمعنى وجود المقتضي لذلك الحكم لو لا الظن على خلافه.
وهذا أيضا كالأوّل في عدم ثبوت الحكم الواقعيّ للظانّ بخلافه ؛ لأنّ الصفة المزاحمة بصفة اخرى لا يصير منشأ للحكم ، فلا يقال : للكذب النافع أنّه قبيح واقعا وعليه فلا حكم في الواقع حتّى يلزم التضادّ في الأحكام ومباديها وملاكاتها.
ولكنّه أيضا تصويب مجمع على خلافه ؛ لأنّ اللازم من الاشتراك هو وجود الحكم المشترك في الواقع بحيث لو علم به لتنجّزه وهنا بعد تزاحم المصلحة في نفس الفعل لا يبقى إلّا حكم شأنيّ ، والعلم به لا يوجب التنجّز ، كما لا يخفى.
ثالثها : أن لا يكون للأمارة القائمة على الواقعة تأثير في نفس الفعل الذي تضمّنت الأمارة حكمه ولا تحدث فيه مصلحة ، إلّا أنّ العمل على طبق تلك الأمارة