بمفاسد اخرى أو بعد ابتلائه بالأدلّة الحاكمة سقط عن الفعليّة بحيث لو علم به وارتفعت المفاسد أو ارتفع الحاكم كان مأخوذا به ولو فيما سيأتي من الأعمال ، كما لا يخفى.
وعليه فحديث الاشتراك في الأحكام بين العالم والجاهل باق على قوّته ، ولا منافاة بينه وبين الجمع المذكور ؛ لأن الشأنيّة حادثة من جهة المزاحمة أو من جهة الحكومة ، وليست شأنية واقفة ، فتدبّر جيّدا.
ثم إنّ اعتبار الأمارات يكون من باب كونها طرقا إلى الواقع لا غير ؛ إذ العقلاء لا يرونها إلّا طرقا محضة إلى الواقع بحيث يصلون بها إلى الواقعيّات ، مثلا إذا أخبر الثقة بأمر كان تمام الموضوع عندهم هو ما أخبر به من الأمر الواقعي ، ولا نظر لهم إلى التبعيّة عن الثقة والمصلحة الحاصلة بسبب سلوك الطرق المذكورة.
وعليه فالعقلاء يجعلون الطرق الظنّيّة كالعلم من طرق الإيصال وينبعثون عنها ، والشارع اكتفى بما عليه العقلاء ، ولم يجعل طريقا خاصّا في أحكامه ولم يلاحظ في التعبّد بالأمارات إلّا الإيصال إلى الواقع فلا مصلحة في سلوك هذه الأمارات والطرق وراء مصلحة الواقع ، كما لو أمر المولى عبده عند تحيّره في طريق مكان سؤال أهله عن الطريق ، فإنّ المولى لا يلاحظ في ذلك الأمر إلّا كون قول أهل المكان المذكور موصلا إلى الواقع دائما أو غالبا فالأمر فيه ليس إلّا للإيصال والإرشاد. هذا كلّه بناء على الطريقيّة والإرشاد.
أجوبة المحذورات المذكورة بناء على السببيّة :
وأمّا الجواب عن محذورات التعبّد بالأمارات بناء على السببيّة ، بمعنى أن يكون التعبّد بالطرق الظنّيّة لوجود مصلحة فيها في الجملة إمّا في الفعل أو في سلوك الطريق فهو موقوف على تصوّر السببيّة وهي على وجوه. ـ كما أفاده شيخنا الأعظم قدسسره ـ :