الحكم الواقعي ؛ لأنّ الظاهر من أدلّة اعتبار الأمارات أنّ موردها يكفي لتحقّق امتثال التكاليف المعلومة بالإجمال ، فمع انكشاف الخطأ يحكم بصحّة ما أتى به طبقا للأمارات أو الاصول.
وهذا لا يساعد مع الإرشاد المحض ، فإنّ مقتضاه أنّ مع التخلّف لا مجال للحكم بالصحة ؛ إذ الواقعيات باقية على ما عليها ، فيجب الإتيان بها ما دام كانت باقية.
ولكن مع ذلك لا يوجب إشكالا ؛ لأنّ المستفاد من أدلّة اعتبار الأمارات هو حكومة مفادها على الواقع ، والحاكم والمحكوم ممّا يجتمعان ، ولا مضادّة بينهما وإن كانا مولويّين وقد تنبّه لذلك في نهاية الاصول حيث قال : وينبغي التنبيه على أنّ ما ذكرناه من فعليّة الحكم الواقعي وكون الحكم الظاهري عينا له في صورة الموافقة وصورة حكم لا حقيقة له في صورة المخالفة إنّما يصحّ فيما إذا كان المجعول الظاهري حكما مستقلا غير ناظر توسعة الواقع ، كما إذا قامت الأمارة على حرمة شيء أو عدم وجوبه مثلا وكان بحسب الواقع واجبا أو قامت على وجوبه وكان بحسب الواقع حراما أو غير واجب ونحو ذلك من الأمثلة.
وأمّا إذا كان المجعول الظاهري ناظرا إلى الواقع من دون أن يكون مفاده ثبوت حكم مستقل في عرضه ، بل كانت بلسان تبيين ما هو وظيفة الشاكّ في أجزاء التكليف الواقعيّ المعلوم وشرائطها فلا مجال حينئذ لفعليّة الواقع ، بل الحكم الظاهري يكون فعليّا في ظرف الشكّ ، ويكون العمل على وفقه مجزيا ـ إلى أن قال : إنّ الشارع الذي أوجب على المكلّفين الإتيان بالصلاة مثلا وجعلها عمود الدين وبيّن أجزائها وشرائطها وموانعها إذا حكم لمن شك في إتيان بعض الأجزاء بوجوب المضيّ وعدم الاعتناء أو حكم لمن شكّ في طهارة لباسه أو بدنه بأنّ كلّ شيء نظيف حتّى يعلم أنّه قذر أو حكم برفع جزئيّة السورة مثلا عمّن نسيها أو شكّ في جزئيّتها أو حكم بوجوب العمل بخبر الثقة مثلا فأخبر بطهارة شيء أو عدم جزئيّة شيء للصلاة أو