السيّد محمد الفشاركى قدسسرهما حيث قال : أفاد سيّدنا الاستاذ أنّ الأوامر الظاهريّة ليست بأوامر حقيقيّة ، بل هي إرشاد إلى ما هو أقرب إلى الواقعيّات ، ثمّ قال : وتوضيح ذلك على نحو يصحّ في صورة انفتاح باب العلم ولا يستلزم تفويت الواقع من دون جهة أن نقول : إنّ انسداد باب العلم كما أنّه قد يكون عقليّا كذلك قد يكون شرعيّا بمعنى أنّه وإن امكن للمكلّف تحصيل الواقعيّات على وجه التفصيل ، لكن يرى الشارع العالم بالواقعيّات أنّ في التزامه بتحصيل اليقين مفسدة ، فيجب بمقتضى الحكمة دفع هذا الالتزام عنه ، ثمّ بعد دفعه لو أحاله إلى نفسه يعمل بكلّ ظنّ فعليّ من أيّ سبب حصل ، فلو رأى الشارع بعد أن صار مآل أمر المكلّف إلى العمل بالظنّ أنّ سلوك بعض الطرق أقرب إلى الواقع من بعض آخر فلا محذور في إرشاده إليه. فحينئذ نقول : أمّا اجتماع الضدّين فغير لازم ، لأنّه مبنيّ على كون الأوامر حكما مولويّا ، وأمّا الإلقاء في المفسدة وتفويت المصلحة فليس بمحذور بعد ما دار أمر المكلّف بينه وبين الوقوع في مفسدة أعظم (١).
قال : في الوقاية الالتزام بعدم كون مؤدّيات الأمارات أوامر حقيقيّة هو المعتمد عليه عند أكثر القدماء (٢).
ولا يخفى أنّ مجرّد القول بالإرشاد لا يكفي لرفع المحذور ، بل يحتاج في صورة المخالفة إلى سقوط الواقع عن الفعليّة بعد مزاحمته مع مفسدة أعظم ، وسقوط الواقع عن الفعليّة ليس بمعنى تغيير مصلحة الواقع ، بل بمعنى مزاحمتها مع وجود المانع ، فلا تغفل. هذا كلّه بناء على عدم القول بالاجزاء في الأمارات والاصول.
وأمّا بناء على القول بالإجزاء فلا مجال لما ذكر من أنّه ليس في متن الواقع إلّا
__________________
(١) الدرر : ٣٥٤.
(٢) الوقاية : ٤٨٦.