بمقدّمات الحكمة لا مبهمة قابلة للتقييد وإلّا فسلبها لا يقتضي إلّا استيعاب السلب لما اريد منها يقينا لا استيعاب ما يصلح انطباقها عليه من أفرادها وهذا لا ينافي كون دلالتها على العموم عقليّة فإنّها بالإضافة إلى أفراد ما يراد منها لا الأفراد التي تصلح لانطباقها عليها (١).
وتبعه المحقّق الاصفهاني حيث قال إنّ السلب كالايجاب لا ينافي الاهمال كمنافاة التوسعة معه والقضيّة حينئذ سالبة كانت أو موجبة في قوّة الجزئيّة فلا بدّ في استفادة كون المدخول مطلقا من إثبات مقدّمات الحكمة (٢).
خالفهما المحقّق الايرواني بقوله ظاهر سلب الطبيعة عموم السلب ما لم تكن قرينة صارفة عن هذا الظهور تقتضي إرادة الطبيعة المقيّدة التي منها الطبيعة المهملة.
والماهيّة في ذاتها لا إبهام فيها ما لم تلحظ مقيّدة بقيد مبهم بل هي في ذاتها سيّالة سارية ذات اطلاق فلو توجّه الحكم اليها سرى بتبع سرايتها لأنّ الطبيعة حينئذ تكون تمام الموضوع وما هذا شأنه لا ينفكّ عن الحكم فلا حاجة إلى نصب مقدّمات والتماس أمر آخر للدلالة على الاطلاق وسريان الحكم حيثما سرت الطبيعة.
فإذا ألغي عن مقام الطبيعة لحاظ شيء من الحدود سواء كان حدّا خاصّا لا على التعيين وهو الذي تصير الطبيعة به مهملة أو حدّا خاصّا على التعيين وهو الذي تصير الطبيعة به مقيّدة أم كان حدّ الارسال ثمّ سلّط عليها السلب فمقتضى ذلك سلبها بتمام أفرادها كما أنّها لو لوحظت بالنحو الأخير كان الأمر كذلك لكنّ هذا يقتضي سلبها بتمام أفرادها لفظا والأوّل يقتضيه عقلا وأمّا إذا لوحظت بقيد مهمل أو معيّن فليس مقتضى ذلك إلّا سلب الطبيعة المقيّدة سواء أتى بالقيد لفظا أم فهم من
__________________
(١) الكفاية : ١ / ٣٣٤.
(٢) نهاية الدراية : ٢ / ١٨٥.