يكون ربط الأخيرة بغيرها بحرف العطف موجبا لعدم تعيّنه لكون الجميع بمنزلة الجملة الواحدة ، فيكون الكلام مجملا ولكن تخصيص الأخيرة قدر متيقّن.
وفيه أنّ دعوى تعيّن رجوع الاستثناء إلى الجميع في الصورة الاولى لا شاهد لها مع كون القضيّة متعدّدة بتعدّد موضوعاتها ، إذ عدم تعيّن رجوعه إلى الأخيرة لا يلازم تعيّن رجوعه إلى الجميع ، بل يمكن القول بالإجمال إن لم نقل بتعيّن رجوعه إلى الأخيرة. هذا مضافا إلى أنّ دعوى تعيّن رجوع الاستثناء إلى الجملة الأخيرة في الصورة الثانية كما ترى إذ لو سلّمنا هذا التركيب في الأدبيّات العربيّة لا نسلّم كون الجمل السابقة في حكم المغفول عنها ، وحينئذ إن كان نوع المحمول متّحدا فلا ظهور له في الرجوع إلى الأخيرة ولا إلى الجميع.
وإن كان نوع المحمول مختلفا فدعوى ظهور رجوع الاستثناء إلى الأخيرة غير بعيدة.
وأيضا دعوى الإجمال في الصورة الثالثة مندفعة ، بأنّ العطف لا يوجب وحدة الجمل بل الواو تدلّ على مغايرة الجمل بعضها مع بعض ، ولكن مع ذلك لا ينافي رجوع الاستثناء إلى الجميع. نعم لا يبعد دعوى ظهور الكلام في الرجوع إلى الأخيرة بعد تغايرها مع سائر الجمل موضوعا ومحمولا.
وخامسها : هو التفصيل بين ما إذا ذكر الاسم الظاهر في الجملة الاولى وعطف سائر الجمل عليها مشتملا على الضمير الراجع إليه واشتمل المستثنى أيضا على الضمير كقوله أكرم العلماء وسلّم عليهم وألبسهم إلّا الفسّاق منهم.
فإنّ الظاهر منه هو رجوع الاستثناء إلى جميع الجمل.
والوجه في ذلك أنّ الضمير في المستثنى إشارة إلى شيء ولم يكن في الجمل شيء صالح للإشارة إليه إلّا الاسم الظاهر المذكور في صدرها ، وأمّا سائر الجمل فلا تصلح لإرجاع الضمير إليها لعدم عود الضمير إلى الضمير.