وثالثا : أنّ دعوى الإجمال في الصورة الثالثة بدعوى أنّ استقلال الأخير في الحكم يوجب التعيّن وربط الأخير بحرف العطف يوجب عدم التعيّن لكون الجميع بمنزلة الجملة الواحدة فمع تعارض الأمرين يحصل الإجمال مندفعة بأنّ العطف لا يوجب وحدة الجمل بل الواو تدلّ على مغايرة الجمل بعضها مع بعض ولكن مع ذلك لا ينافي رجوع الاستثناء إلى الجميع نعم لا يبعد دعوى ظهور الكلام في الرجوع إلى الأخير بعد تغايرها مع سائر الجمل موضوعا ومحمولا فلا تغفل.
وخامسها : ما فصّله سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره بين ما إذا ذكر الاسم الظاهر في الجملة الاولى وعطف سائر الجمل عليها مشتملا على الضمير الراجع إليه واشتمل المستثنى أيضا على الضمير كقوله أكرم العلماء وسلّم عليهم وألبسهم إلّا الفسّاق منهم فالظاهر رجوع الاستثناء إلى جميع الجمل.
لأنّ الضمير كما مرّ موضوع لنفس الاشارة إلى الغائب كما أنّ أسماء الاشارة موضوعة للاشارة إلى الحاضر فإن اشتمل المستثنى على الضمير يكون إشارة إلى شيء ولم يكن في الجمل شيء صالح للإشارة إليه إلّا الاسم الظاهر المذكور في صدرها وأمّا سائر الجمل فلا تصلح لإرجاع الضمير إليها لعدم عود الضمير إلى الضمير.
وكذا لا يبعد أن يكون الاستثناء من الجميع اذا لم يشتمل المستثنى على الضمير مع اشتمال الجملة عليه كما لو قال في المثال المتقدّم إلّا بني فلان.
أمّا إذا قلنا بأنّ الضمير في مثله منويّ فلمّا ذكرنا وإن قلنا بعدم النيّة فلأنّ الضمير في سائر الجمل غير صالحة لتعلّق الاستثناء بها فإنّها بنفسها غير محكومة بشيء فلا محالة يرجع الاستثناء إلى ما هو صالح له (١).
ولا يذهب عليك أنّ مراده قدسسره أنّه إذا اشتمل المستثنى على الضمير أو كان
__________________
(١) مناهج الوصول : ٢ / ٣٠٧ ـ ٣٠٨.