وممّا ذكر يظهر ما في نهاية الاصول حيث قال إنّ شمول الخطابات للمعدومين ليس باعتبار حال العدم بل باعتبار ظرف الوجود كيف ولا يكون المعدوم في ظرف العدم مصداقا لقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) ، مثلا وفي ظرف وجوده يكون الخطاب بالنسبة إليه حقيقيّا لا ادّعائيّا حيث أنّ الكلام القي إليه بداعي الافهام لا بداعي التحسّر وأمثاله فكيف جعل صاحب الكفاية قدسسره الخطابات القرآنيّة خطابات ايقاعيّة غير حقيقيّة (١).
وذلك لما عرفت من أنّ الخطاب الحقيقي فيما إذا كان المكلّف طرفا للخطاب والمخاطبة وتلقّى الكلام عن المتكلّم من دون وساطة شخص والخطابات القرآنيّة لا تكون من كذلك وإحاطة الله تعالى بجميع خلقه لا توجب حدوث مخاطبة مع كلّ موجود حاضر ملتفت في ظرف وجوده بل هو يسمع ما خاطبه الله مع نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فلا محيص إلّا عن كون الخطابات القرآنيّة العامّة المتوجّهة إلى الناس بداعي الافهام خطابات إنشائيّة تصير فعليّة بالنسبة إلى كلّ حاضر ملتفت إليه ونسبة الحاضرين والغائبين وغير الموجودين إليها سواء لأنّ جميعهم لم يكونوا طرفا لمخاطبته سبحانه وتعالى بالحقيقة.
ثمرة البحث عن تعميم الخطابات وعدمه
ذكروا للبحث ثمرات منها أنّ بناء على التعميم لا تختصّ حجّيّة ظهور خطابات الكتاب وغيره بالمشافهين بخلاف ما إذا لم نقل بالتعميم فإنّ الحجّيّة حينئذ تختصّ بالمشافهين فلا تشمل الغائبين وغير الموجودين.
وفيه كما في الدرر أوّلا أنّ هذا مبنيّ على اختصاص حجّيّة الظواهر بمن قصد
__________________
(١) نهاية الاصول : ١ / ٢٥٤ ـ ٢٥٥.