النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ).
فهذه الخطابات خطابات إنشائيّة ولكن كانت بالنسبة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فعليّة وبقيت على الانشائيّة بالنسبة إلى غيره صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل قراءته ايّاها لهم وتصير فعليّة لغيره عند وجوده والتفاته إليها وبقيت على الانشائيّة بالنسبة إلى المعدومين إلى حين وجودهم والتفاتهم.
ومنها : خطابات أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يخاطب بها كقوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) ولا إشكال في أنّها فعليّة بالنسبة إلى الحاضرين وانشائيّة بالنسبة إلى غير الحاضرين والموجودين وتصير فعليّة عند وجودهم وحضورهم.
وكيف كان فخطابات الله سبحانه وتعالى لا تكون متوجّهة إلى الناس من دون وساطة وكفى ذلك في كون الناس مطلقا سواء كانوا حاضرين في المسجد أو غائبين أو غير موجودين غير مخاطبين بخطاب الله سبحانه وتعالى حقيقة إذ لم يكونوا طرفا لخطابه تعالى وهو يقتضي أن تكون الخطابات انشائيّة لا حقيقيّة لأنّ المفروض هو نزولها على قلب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولو لم يكن الناس طرفا لخطابه تعالى فلا مجال لدعوى أنّ الخطابات القرآنيّة الإلهيّة متوجّهة إلى الحاضرين في مجلس الوحي من دون واسطة وقياس النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بشجرة موسى على نبيّنا وآله وعليهالسلام كما ترى إذ ذلك مع عدم مناسبته مع شأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم غير سديد بعد كون الخطابات نازلة على قلب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فالنبيّ بعد نزولها قرءها للناس.
فتحصّل أنّ حال الحاضرين بالنسبة إلى الخطابات القرآنيّة الإلهيّة كحال غيرهم من الغائبين وغير الموجودين في عدم كونهم طرفا للخطاب الحقيقي.
ومن المعلوم أنّ مجرّد كون الخطابات الإلهية بداعي الأفهام للناس من دون وجود الطرفيّة للخطاب بلا واسطة لا يكفي في كون الخطابات الإلهيّة خطابات حقيقيّة.