ولا إشكال في إمكان تكليفه مشروطا بزمان وجوده ومخاطبته وتوجيه الكلام نحوه بغرض التفهيم مشروطا بحال وجوده والتفاته غاية الأمر أنّه يحتاج حينئذ إلى آلة يوصل الكلام إليه من كتابة ونحوها وهذا أعني الخطاب المشروط بوجود المخاطب والتكليف المشروط بوجود المكلّف نظير الوقف المشروط بوجود الموقوف عليه بمكان من الإمكان (١).
وعليه فالخطابات الصادرة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو الأئمّة عليهمالسلام أو غيرهم تكون خطابات إنشائيّة وهي تعمّ الموجودين والمعدومين من دون حاجة إلى تنزيل المعدومين بمنزلة الموجودين لما عرفت من الخطاب الإنشائي متوجّه إلى كلّ مخاطب موجود ملتفت في ظرف وجوده بغرض التفهيم وهو المتداول في الخطابات العامّة من المقنّنين وغيرهم.
وممّا ذكر يظهر أنّه لا حاجة إلى التنزيل المذكور في الخطابات الانشائيّة فلا وجه لما في مناهج الوصول من أنّه لا بدّ من التشبّث بتنزيل المعدوم منزلة الموجود (٢).
كما أنّ دعوى أنّ التنزيل المذكور من لوازم القضيّة الحقيقيّة (٣).
مندفعة بما مرّ من أنّ مصاديق القضيّة الحقيقيّة ليست إلّا الموجودة من دون حاجة إلى تنزيل المعدوم بمنزلة الموجود فلا تغفل.
وأمّا الخطابات القرآنيّة فهي على طوائف :
منها خطابات فعليّة وحقيقيّة بالنسبة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ).
ومنها : خطابات عامّة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وعموم الناس كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا
__________________
(١) اصول الفقه : ٣ / ٣٦٨.
(٢) مناهج الوصول : ٢ / ٢٩٠.
(٣) المحاضرات : ٥ / ٢٧٦.