لا يترتّب عليه الانبعاث ولا غيره من دواعي الإنشاء حال كونه معدوما وانبعاثه في ظرف وجوده وتحقّق شرائط التكليف فيه ليس من فوائد إنشاء الطلب منه في ظرف العدم بل هو من الآثار المترتّبة على إنشاء الطلب من المكلّف على فرض وجوده (١).
هذا مضافا إلى ما عرفت من أنّ موضوع القضيّة الحقيقيّة ليس أعمّ من الموجود والمعدوم بل هو الطبيعة بما هي مرآة وحاكية عن مصاديقها وهي الأفراد الموجودة بحسب ظروفها وممّا ذكر أيضا ينقدح أنّه لا وجه صحيح لتوجيه التكليف إلى المعدوم بكونه مشروطا بوجوده وواجديّة الشرائط كما في الكفاية أيضا (٢).
لأنّ المعدوم لا يصلح للتوجيه نحوه بل المعقول هو توجيه التكليف إلى العنوان الكلّي بنحو القضيّة الحقيقيّة بحيث كلّما وجد فرد من الموضوع يصير موردا للحكم كما أفاده في نهاية الاصول (٣) على أنّك عرفت أنّ المعدوم ليس بمصداق للموضوع في القضايا الحقيقيّة وأيضا أنّ القضايا ليست بمشروطة وإن أمكن تحليلها إليها في العقل وهكذا لا وقع لتنزيل المعدوم بمنزلة الموجود.
لما عرفت من عدم الحاجة إلى التنزيل لأنّ مصاديق الطبيعة ليست إلّا الموجودة في الحال والاستقبال ومع كون مصاديقها هي الموجودة لا حاجة إلى التنزيل كما لا يخفى.
ولقد أفاد وأجاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره حيث قال وإضافة كلّ إلى الطبيعة تدلّ على كون الاستغراق متعلّقا بما يتلوه ولمّا لم يتقيّد بما يجعله منحصر الانطباق على الأفراد المحقّقة فلا محالة يكون الحكم على كلّ فرد منه في الماضي والحال والاستقبال كلّ في موطنه فالعقل يحكم بامتناع الصدق على المعدوم فلم تكن الطبيعة طبيعة ولا
__________________
(١) نهاية الاصول : ١ / ٣٥٠.
(٢) نهاية الاصول : ١ / ٣٥٦.
(٣) نهاية الاصول : ١ / ٣٥١.