أفرادها أفرادا حال العدم فلا محالة يكون الحكم في ظرف صدق الطبيعة على الأفراد فكلّ نار حارّة إخبار عن مصاديق النار دلالة تصديقيّة والمعدوم ليس مصداقا لشيء كما أنّ الموجود الذهني ليس فردا بالحمل الشائع فينحصر الصدق في ظرف الوجود الخارجي من غير أن يكون الوجود قيدا ومن غير أن يفرض للمعدوم وجودا أو ينزّل منزلة الوجود ومن غير أن تكون القضيّة متضمّنة للشرط (١).
فتحصّل أنّه يكفي في شمول التكاليف بالنسبة إلى غير الموجودين في عصر الصدور كون القضايا حقيقيّة لأنّ موضوعاتها تعمّ كلّ موجود في ظرف وجوده من دون لزوم محذور تعلّق التكليف بالمعدوم فالحكم فعليّ بالنسبة إلى المصاديق الموجودة بالفعل وإنشائيّ بالنسبة إلى المصاديق الموجودة في الظروف الآتية والقضيّة الحقيقيّة حمليّة لا مشروطة وتحليلها إلى المشروطة لا يصيرها مشروطة كما لا يخفى.
المقام الثاني : أنّ التكاليف المقرونة بأداة النداء أو حروف الخطاب أو التكاليف المنشأة بصيغ الأمر والنهي التي تستلزم المخاطبة مثل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أو قوله عزوجل : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ) أو قوله تبارك وتعالى : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ) وغير ذلك هل تكون كالتكاليف غير المقرونة بهذه الأمور وغير المنشأة بصيغ الأمر والنهي في التعميم بالنسبة إلى الغائبين أو المعدومين أو لا تكون.
ذهب الشيخ الأعظم قدسسره إلى إمكان الشمول على وجه الحقيقة ولكن لا دليل له وعليه فيختصّ الخطاب على وجه الحقيقة بالمشافهين وهذا لفظه والأظهر عندي القول بإمكان الشمول على وجه الحقيقة إن اريد من المجاز المبحوث عنه في المقام المجاز في أداة الخطاب إلى أن قال وتحقيق ذلك أنّ أداة الخطاب إنّما هي موضوعة لأن
__________________
(١) مناهج الوصول : ٢ / ٢٨٦.