وعليه فالعامّ بعد التخصيص معنون بنحو التركيب من وجود عنوان العامّ وعدم الخاصّ مثل كلّ امرأة موجودة مع عدم انتسابها إلى قريش ترى الحمرة إلى الخمسين لا بنحو الاتّصاف كما مثّله شيخنا الاستاذ من كلّ امرأة موجودة لا تكون قرشيّة ترى الحمرة إلى الخمسين.
ولعلّه لذلك عدل عن دعوى الغلبة في الدورة الأخيرة وقال إن استظهر من الأدلّة أنّ المقصود من السالبة هو سلب النسبة فقط الذي يتحقّق بأحد الأعدام الثلاثة جرى الاستصحاب وإلّا فإن استظهر منها ما إذا قصد رفعها عن موضوع محفوظ الوجود ولو لم يكن القضيّة بصورة معدولة المحمول فإن كانت هنا حالة سابقة للعدم الأزلي فهو وإلّا فلا مجال للاستصحاب (١).
ولا كلام فيما عدل إليه إلّا من جهة أنّ الأولى هو أن يقال إنّ العامّ بعد التخصيص معنون بعنوان تركيبي لكونه أخفّ مئونة إلّا إذا قامت القرينة على أنّه معنون بنحو القضيّة السالبة المحمول أو الايجاب العدولي فلا تغفل.
ومنها ما في الدرر من أنّه قد يستظهر من مناسبة الحكم والموضوع في بعض المقامات أنّ التأثير والفاعليّة ثابت للموضوع المفروغ عن وجوده عند اتّصافه بوصف كما في قضيّة «إذا بلغ الماء قدر كرّ لا ينجسه شيء» ولهذا لا يجدي استصحاب عدم الكرّيّة من الأزل.
وقد يستظهر من المناسبة المذكورة أنّ التأثير ثابت لنفس الوصف والموضوع المفروغ عن وجوده إنّما اعتبر لتقوّم الوصف به كما في قوله عليهالسلام المرأة ترى الدم إلى خمسين إلّا أن تكون قرشيّة حيث إنّ حيضيّة الدم إلى الستّين إنّما هي من خاصيّة التولّد من قريش لا أنّ المرأة لها هذه الخاصيّة بشرط التولّد فانتفاء هذا الوصف
__________________
(١) اصول الفقه : ٣ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨.