مثلا عموم ما دلّ على أنّ منتهى الحيض في كلّ مرأة هو الخمسون قد خصّص بالقرشيّة فيكون مفادها بعد هذا التخصيص أنّ كلّ امرأة لا تكون قرشيّة ترى الحمرة إلى الخمسين.
ولا شكّ أنّ هذا السلب إنّما هو على نحو السلب بانتفاء المحمول من الموضوع المفروغ الوجود.
وهذا ليس له في المرأة المشكوكة حالة سابقة إذ لم يصدق في زمان هذه المرأة ليست بقرشيّة قطعا بل الشكّ سار إلى أوّل أزمنة وجودها.
نعم استصحاب عدم تحقّق النسبة بين هذه المرأة وبين قريش كان له حالة سابقة لكنّ المفروض أنّ المستفاد من الدليل هو السلب على النحو الآخر لا على هذا النحو فهذا السلب لا أثر له شرعا.
وبعبارة اخرى ليس الأثر لعدم تحقّق النسبة بين المرأة وقريش بل لعدم كون المرأة الموجودة إمّا فعلا وإمّا تقديرا قرشيّة والاستصحاب إنّما هو جار في الأوّل دون الثاني وحيث إنّ الغالب في القضايا السالبة الشرعيّة هو كون السلب مأخوذا على النحو الأوّل أعني السلب بانتفاء المحمول فلهذا قلّما يتّفق أن يكون هذا الاستصحاب الموضوعي نافعا لتنقيح كون الفرد المشكوك باقيا تحت العامّ (١).
وفيه أنّ دعوى الغلبة في أخذ السلب بنحو الموجبة السالبة المحمول في طرف العامّ أوّل الكلام ، بل الأمر بالعكس لأنّ عدم اتّصاف عنوان العامّ بوصف الخاصّ أخفّ مئونة كما عرفت من اتّصافه بعدم الوصف هذا مضافا إلى ما في اتّصاف الشيء بالعدم مع أنّه بطلان محض فلا بدّ في أخذه نعتا من اعتبار خصوصيّة في الموضوع ملازمة لذلك العدم وهو مئونة فوق مئونة.
__________________
(١) اصول الفقه : ١ / ٢٩٤.