البعث (فَقالَ الْكافِرُونَ هذا) الإنذار (شَيْءٌ عَجِيبٌ) (٢) (أَإِذا) بتحقيق الهمزتين ، وتسهيل الثانية ، وإدخال ألف بينهما على الوجهين (مِتْنا وَكُنَّا تُراباً) نرجع (ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) (٣) في غاية البعد (قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ) تأكل (مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) (٤) هو اللوح المحفوظ ، فيه جميع الأشياء المقدرة (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِ) بالقرآن (لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ) في شأن النبي صلىاللهعليهوسلم والقرآن (فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) (٥) مضطرب قالوا مرّة ساحر وسحر ، ومرّة شاعر وشعر ، ومرّة كاهن وكهانة (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا) بعيونهم ، معتبرين بعقولهم حين أنكروا البعث (إِلَى السَّماءِ) كائنة (فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها) بلا عمد (وَزَيَّنَّاها) بالكواكب (وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) (٦) شقوق تعيبها (وَالْأَرْضَ) معطوف على موضع إلى السماء كيف (مَدَدْناها) دحوناها على وجه الماء (وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) جبالا تثبتها (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) صنف (بَهِيجٍ) (٧) يبهج به لحسنه (تَبْصِرَةً) مفعول له ، أي فعلنا ذلك تبصيرا منا (وَذِكْرى) تذكيرا (لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) (٨) رجاع إلى طاعتنا (وَنَزَّلْنا مِنَ
____________________________________
وهو أسهل الأعاريب.
قوله : (بَلْ عَجِبُوا) اضراب عن جواب القسم المحذوف ، لبيان أحوالهم الشنيعة ، والعجب استعظام أمر خفي سببه ، وهذا بالنسبة لعقولهم القاصرة حيث قالوا (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ.) قوله : (فَقالَ الْكافِرُونَ) حكاية لبعض تعجبهم وأقاويلهم الباطلة. قوله : (هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ) أي يتعجب منه ، لأنه خارج عن طور عقولنا. قوله : (أَإِذا مِتْنا) معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله : (نرجع). قوله : (وإدخال ألف بينهما) أي وتركه فالقراءات أربع سبعيات لا اثنتان كما توهمه عبارته. قوله : (بَعِيدٌ) أي عن العادة.
قوله : (قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ) رد لاستبعادهم وتعجبهم. قوله : (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) الجملة حالية ، والكلام على تشبيه علمه بتفاصيل الأشياء ، بعلم من عنده كتاب حاو محفوظ يطلع عليه. قوله : (هو اللوح المحفوظ) أي وهو من درة بيضاء ، مستقرة على الهواء ، فوق السماء السابعة ، طوله ما بين السماء والأرض ، وعرضه ما بين المشرق والمغرب. قوله : (فيه جميع الأشياء) يحتمل أن الجار والمجرور متعلق بالمحفوظ و (جميع) نائب فاعل متعلق به ، ويحتمل أنه خبر مقدم و (جميع) مبتدأ مؤخر. قوله : (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِ) انتقال من شناعتهم إلى ما هو أشنع ، وهو تكذيبهم للنبوة الثابتة بالمعجزات الظاهرة. قوله : (مَرِيجٍ) (مضطرب) أي مختلط يقال : مرج الأمر ، ومرج الدين اختلط.
قوله : (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا) الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة عليه ، والتقدير : أغفلوا وعموا فلم ينظروا إلى السماء ، الخ. قوله : (كائنة) (فَوْقَهُمْ) أشار به إلى أن (فَوْقَهُمْ) حال من (السَّماءِ.) قوله : (كَيْفَ بَنَيْناها كَيْفَ) مفعول مقدم ، وجملة (بَنَيْناها) بدل من (السَّماءِ.) قوله : (وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) الجملة حالية. قوله : (معطوف على موضع إلى السماء) أي المنصوب بينظروا. قوله : (يبهج به) أي يسر ، وفيه إشارة إلى أن فعيل بمعنى فاعل ، أي يحصل السرور به. قوله : (مفعول له) أي لأجله ، ويصح أن يكونا منصوبين على المصدرية ، والتقدير : بصرناهم تبصرة ، وذكرناهم تذكرة. قوله : (تبصيرا منا) أي تعليما وتفهيما ، والتبصرة والتذكرة إما عائدان على كل من (السَّماءِ) و (الْأَرْضَ) والمعنى خلقنا السماوات تبصرة وذكرى ،