لما (١) عرفت من أن الحكم في طرف الخاص قد أخذ على نحو (٢) صح استصحابه ، فتأمل تعرف أن إطلاق كلام شيخنا العلامة «أعلى الله مقامه» في المقام نفيا (٣) وإثباتا في غير محله.
______________________________________________________
أصل الإكرام لا خصوصية وقوعه في يوم الجمعة حتى يكون الزمان قيدا له ، ثم قال : لا يجب إكرام العلماء فيسقط العامان بالتعارض. ويستصحب حكم الخاص أعني : الحرمة.
(١) تعليل لاستصحاب حكم الخاص ، وحاصله : «كما مر آنفا : أن مقتضى ظرفية الزمان في الخاص صحة استصحاب حكمه في غير مورد دلالته ؛ لوحدة الموضوع في زماني الخاص وما بعده ، لكن العام مانع عن جريانه ، لدلالته على حكم ما بعد زمان الخاص.
(٢) المراد بهذا النحو : هو ظرفية الزمان الخاص لا قيديته له ؛ إذ مع الظرفية لا تنثلم وحدة الموضوع ، فيصح الاستصحاب فيما بعد زمان الخاص ، ومع القيدية تنثلم وحدته ويتعدد الموضوع ، ومع تعدده لا يجري الاستصحاب. وضمير «استصحابه» راجع إلى الحكم.
(٣) قال الشيخ الأنصاري : «الحق هو التفصيل في المقام بأن يقال : إن أخذ فيه عموم الأزمان أفراديا بأن أخذ كل زمان موضوعا مستقلا لحكم مستقل لينحل العموم إلى أحكام متعددة بتعدد الأزمان كقوله : «أكرم العلماء كل يوم» ، فقام الإجماع على حرمة إكرام زيد العالم يوم الجمعة ، ومثله ما لو قال : أكرم العلماء ، ثم قال لا تكرم زيدا يوم الجمعة ، إذا فرض أن الاستثناء قرينة على أخذ كل زمان فردا مستقلا ، فحينئذ : يعمل عند الشك بالعموم ولا يجري الاستصحاب. وإن أخذ لبيان الاستمرار كقوله : أكرم العلماء دائما ، ثم خرج فرد في زمان وشك في حكم ذلك الفرد بعد ذلك الزمان ، فالظاهر جريان الاستصحاب ؛ إذ لا يلزم من ثبوت ذلك الحكم للفرد بعد ذلك الزمان تخصيص زائد على التخصيص المعلوم ؛ لأن مورد التخصيص الأفراد دون الأزمنة ، بخلاف القسم الأول».
ومحصل كلامه في طرف النفي هو : أنه في صورة ظرفية الزمان للعام لا يرجع إلى العام في صورة الشك ومقتضى إطلاق حكمه بعدم مرجعية العام هو : عدم الفرق بين كون الزمان مأخوذا في الخاص ظرفا كالعام ، وكونه قيدا. كما أن مقتضى إطلاقه عدم الفرق أيضا بين كون الخاص مخصصا من الابتداء كخياري المجلس والحيوان ، ومن الأثناء كالخيارات الحادثة بعد العقد. وقد عرفت : أن المصنف اعترف بالإطلاق الأول وأنكر الإطلاق الثاني.