ووجوب (١) العمل بالاحتياط عقلا في حال عدم المعرفة بمراعاة (٢) الشريعتين ما لم (٣) يلزم منه الاختلال ؛ للعلم (٤) بثبوت إحداهما على الإجمال ؛ إلّا (٥) إذا علم بلزوم البناء على الشريعة السابقة ما لم يعلم الحال.
______________________________________________________
هذا تمام الكلام فيما أفاده المصنف في منع تمسك أهل الكتاب بالاستصحاب لإثبات بقاء شريعتهم وعدم نسخها.
(١) معطوف على «لزوم المعرفة» ، يعني : أن الكتابي الشاك ليس له أن يقنع بالاستصحاب الذي لا يفيد إلا حكما ظاهريا ؛ بل عليه الفحص والنظر لتحصيل المعرفة مع الإمكان ، وبدونه ليس له الاعتماد على الاستصحاب في أعماله ؛ بل عليه أن يعمل بمقتضى العلم الإجمالي وهو العمل بكلتا الشريعتين ما لم يلزم منه اختلال النظام.
والحاصل : أن الاستصحاب لا يجدي الكتابي لا اعتقادا ولا عملا.
(٢) متعلق ب «بالاحتياط» ، وقوله : «عقلا» قيد ل «وجوب» ، و «في حال» متعلق ب «العمل» ، ويمكن تعلقه ب «وجوب».
(٣) قيد لوجوب الاحتياط ، يعني : يجب الاحتياط بمراعاة الشريعتين ما لم يلزم من الاحتياط اختلال النظام ، وضمير «منه» راجع على «الاحتياط».
(٤) متعلق ب «وجوب العمل» وتعليل له ، يعني : يجب الاحتياط عقلا لأجل العلم الإجمالي بثبوت إحدى الشريعتين. وضمير «إحداهما» راجع إلى «الشريعتين».
(٥) استثناء من وجوب الاحتياط عقلا.
وحاصل الاستثناء : أنه إذا ثبت اعتبار الاستصحاب بالنسبة إلى حجية الحجج بنظر العقل ـ كثبوت اعتباره في عدم الحجية عند الشك في حدوثها ـ لم يجب الاحتياط بمراعاة الشريعتين ؛ بل يعمل بما يقتضيه الاستصحاب من بقاء الشريعة السابقة ، هذا ولكنه مجرد فرض ؛ إذ لا فرق في اعتبار الاستصحاب وعدمه بين موارده.
فتحصل من جميع ما أفاده المصنف «قدسسره» : أن استصحاب النبوة لا يجري مطلقا ، سواء أريد بها الصفة الكمالية التكوينية أم الموهبة الإلهية التشريعية ، أم الأحكام الفرعية ، وسواء أريد بالاستصحاب إلزام الخصم أم إقناع النفس ؛ لأنه بناء على إرادة الصفة التكوينية من النبوة لا شك في بقائها أولا ، وعدم ترتب أثر شرعي عليها على تقدير الشك فيها ثانيا ، من غير فرق في ذلك بين قصد الإلزام والإقناع بالاستصحاب ؛ لإناطته في كلتا الصورتين بالشك في البقاء والأثر الشرعي. وبناء على إرادة الصفة التشريعية الإلهية منها ـ وإن كانت النبوة بنفسها حينئذ أثرا شرعيا قابلا للاستصحاب ـ