قضية الاستصحاب (١) لو لم نقل بأنه (٢) قضية الإطلاقات أيضا (٣) كونه استمراريا.
وتوهّم : أن المتحير (٤) كان محكوما بالتخيير ولا تحيّر له بعد الاختيار ، فلا يكون الإطلاق ولا الاستصحاب مقتضيا للاستمرار لاختلاف الموضوع فيهما فاسد (٥) ؛ فإن
______________________________________________________
ثالثها : كونه بدويا إلا مع قصد الاستمرار ، فقصد الاستمرار دخيل في كون التخيير استمراريا.
رابعها : كونه استمراريا إلا إذا قصد بدويته.
(١) استدل المصنف وغيره على كون التخيير استمراريا مطلقا بوجهين :
أحدهما : الاستصحاب والآخر : إطلاقات أدلة التخيير.
والوجه الأول مبني على الإغماض من الوجه الثاني ، ومحصل تقريب الاستصحاب : أن التخيير الثابت في الزمان الأول يصير بعد الأخذ بأحد الخبرين مشكوكا فيه ؛ لاحتمال كون الأخذ بأحدهما رافعا للتخيير ، كغيره من موارد الشك في رافعية الموجود ، فيستصحب التخيير وجواز الأخذ بالخبر الآخر في الزمان الثاني والثالث وهكذا.
(٢) أي : بأن التخيير الاستمراري. هذا إشارة إلى الوجه الثاني وهو إطلاقات التخيير. ومحصله : أن مقتضى إطلاق أدلة التخيير بحسب الزمان وعدم تقييده بزمان خاص هو استمرار التخيير ، وعدم اختصاصه بالزمان الأول ، فإن إطلاق دليل حجية أحد الخبرين تخييرا يقتضي استمرار حجيته كذلك.
(٣) يعني : كما أن التخيير مقتضى الاستصحاب ، و «كونه» خبر «قضية» وضميره راجع إلى «التخيير». وبالجملة : فمقتضى الاستصحاب بل الإطلاقات كون التخيير استمراريا.
(٤) وهو موضوع الحكم بالتخيير ، فإذا أخذ الشخص بأحد الخبرين ذهب تحيّره فلا موضوع للإطلاق ولا بقاء لموضوع الاستصحاب ، وحينئذ يجب أن يكون التخيير بدويا لا استمراريا.
(٥) خبر و «توهم» ودفع له وحاصله : بقاء موضوع التخيير حتى بعد الأخذ بأحد الخبرين ، فلا مانع من الحكم باستمرار التخيير تمسكا بالإطلاق أو الاستصحاب.
توضيحه : أن موضوع التخيير ـ وهو التحيّر بمعنى تعارض الخبرين ـ باق على حاله حتى بعد الأخذ بأحد الخبرين ؛ لأن الأخذ بأحدهما لا يرفع التعارض والتنافي القائم بهما ، فلم يختلف موضوع التخيير قبل الأخذ بأحدهما وبعده حتى يتوجه المنع عن التمسك بإطلاقات التخيير أو استصحابه.