شرعيا (١) أو ذا حكم كذلك (٢) ؛ لكنه (٣) لا يخفى : أنه لا بد أن يكون كذلك (٤) بقاء ولو لم يكن كذلك ثبوتا. فلو لم يكن المستصحب في زمان ثبوته حكما ولا له أثر شرعا ، وكان في زمان استصحابه كذلك ، أي : حكما أو ذا حكم يصح (٥)
______________________________________________________
(١) كاستصحاب الوجوب.
(٢) كاستصحاب الملك. فهذا إشارة إلى الاستصحاب الموضوعي ، وما قبله إشارة على الاستصحاب الحكمي.
(٣) غرضه : بيان مورد لزوم كون المستصحب حكما أو ذا حكم حتى يندفع به التوهم المزبور ، ومحصله : أن مورد ذلك هو البقاء لأنه ظرف الشك الذي هو مورد الاستصحاب ، وليس ذلك إلّا مرحلة البقاء دون الثبوت ، فلو لم يكن المستصحب في زمان ثبوته حكما ولا موضوعا ذا حكم ، وكان كذلك بقاء جرى فيه الاستصحاب.
ومثّل في المتن ـ لما لم يكن حكما حال اليقين به ، وصار كذلك حال الشك ـ باستصحاب عدم التكليف ، حيث إنه في الأزل ليس حكما مجعولا ؛ لعدم محكوم عليه فيه حتى يكون حكما له ؛ لكنه فيما لا يزال ـ أي : في المستقبل الذي هو ظرف تشريع الأحكام ـ يكون حكما ؛ لما مر من أن نفيه كثبوته فيما لا يزال مجعولا شرعا ، بمعنى : أن للشارع إبقاء العدم على حاله ونقضه بالوجود ـ وإن لم يطلق عليه الحكم ـ لأن الملاك في شرعية الحكم هو كون المورد قابلا لأن تناله يد التشريع ، وهذا الملاك موجود في العدم الأزلي ، فإبقاؤه كنقضه حكم ، فإذا شك في بقائه فلا مانع من استصحابه بعد كون هذا العدم عند الشك في بقائه حكما أي : قابلا لاستيلاء يد التشريع عليه.
ويمكن التمثيل لعدم كون العدم في حال اليقين حكما ولا موضوعا له بعدم رضا المالك بالتصرف في ماله ، فإنه قبل تصرف أحد في ماله ليس عدم رضاه حكما ولا موضوعا لحكم فعلي أصلا ولا تكليفي كالحرمة ولا وضعي كالضمان ؛ لكنه بعد وضع شخص يده عليه إذا شك في بقاء عدم رضاه جرى استصحابه بلا مانع.
ومقتضاه حرمة تصرف الغير فيه وضمانه له ، فعدم رضا المالك حال اليقين به لم يكن حكما ولا ذا حكم ؛ ولكنه حال الشك يكون دخيلا في الحكم ولو جزءا لموضوعه ، وهذا المقدار كاف في صحة الاستصحاب.
(٤) أي : حكما أو ذا حكم. وهذا أيضا يعني قوله بعد ذلك : «كذلك» وضمير «أنه» للشأن ، وضمائر «ثبوته ، له ، استصحابه» راجعة إلى المستصحب.
(٥) هذا جواب لو في قوله : «فلو لم يكن المستصحب».