الضد ، لو كان مجتمعا مع وجود المقتضي ، وإن كانت صادقة ، إلّا إن صدقها لا يقتضي كون الضد صالحا لذلك (١) ، لعدم اقتضاء صدق الشرطية صدق طرفيها ،
______________________________________________________
وجود كل منهما متوقفا على عدم الآخر ـ لكون وجود كل منهما مانعا عن وجود الآخر ـ وعدم كلّ منهما متوقفا على وجود الآخر حتى يلزم تقدم الشيء على نفسه وتأخره على نفسه وهو ملاك الدور.
وحاصل الإشكال : إن وجود أحد الضدين ـ وإن كان متوقفا على عدم الآخر ـ إلّا إن عدم أحدهما لا يتوقف على مانعية الآخر ووجوده ؛ إلّا بعد أن يكون المقتضي للضد المعدوم موجودا ، والمقتضي لا يكون موجودا ؛ بل هو محال.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن المراد بالمقتضي هو : الإرادة ، ويستحيل تعلق إرادتين من شخص واحد بالضدين.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه من المستحيل تعلق الإرادة بإيجاد الصلاة ؛ كي يكون المقتضي لها موجودا ، وكان عدمها مستندا إلى المانع وهو الإزالة ، لأن المفروض : تعلقها بإيجاد الضد الموجود أعني : الإزالة ، ثم المعلق على المحال محال ، فصلاحية وجود الضد لكونه مانعا عن الضد المعدوم محال ، فينحصر التوقف في طرف واحد وهو مقدمية عدم أحد الضدين لوجود الآخر ، ولا توقف في طرف مقدمية وجود أحد الضدين لعدم الآخر ، لكونه مشروطا بوجود المقتضي المحال ، كما عرفت فارتفع محذور الدور ، ولا دور ولا غائلته.
(١) أي : صدق القضية في نفسها لا يقتضي كون الضد صالحا لذلك أي : لأن يستند إليه عدم الضد الآخر ؛ وذلك «لعدم اقتضاء صدق الشرطية صدق طرفيها» ؛ لأن مناط صدق القضية الشرطية هو : ثبوت الملازمة والعلقة بين المقدم والتالي واقعا وإن كان طرفاها كاذبين ؛ كأن يقال للحجر : «إن كان هذا إنسانا كان ناطقا» ، بل قد يكون طرفاها مستحيلين ، كقوله تعالى : (لو كان فيهما آلهة إلّا الله لفسدتا). الأنبياء ، الآية : ٢٢.
ثم القضية الشرطية المتصورة في المقام هي : «لو وجد المقتضي والشرط لوجود الضد المعدوم فعلا ، كان الضد الموجود مانعا عنه» ، وهذه القضية الشرطية ـ وإن كانت صادقة في نفسها ـ إلّا إن صدقها لا يستلزم صدق طرفيها ، بل هي صادقة وإن كان طرفاها كاذبين ، كما عرفت. فصدق الشرطية فيما نحن فيه لا يستلزم صلاحية عدم الضد المعدوم مستندا إلى الضد الموجود وكونه مانعا ، كي يكون التوقف من الطرفين ، فيقال بلزوم الدور أو بقاء غائلته ، هذا تمام الكلام في الإشكال على الدور وملاكه.