سديد (١) فإنه وإن كان قد ارتفع به الدور ، إلّا إن غائلة لزوم توقف الشيء على ما يصلح أن يتوقف عليه على حالها ؛ لاستحالة أن يكون الشيء الصالح لأن يكون موقوفا عليه الشيء موقوفا عليه.
ضرورة : أنه لو كان في مرتبة يصلح لأن يستند إليه لما كاد يصح أن يستند فعلا إليه والمنع (٢) عن صلوحه لذلك بدعوى : أن قضية كون العدم مستندا إلى وجود
______________________________________________________
الضد في المقام إلى وجود المانع ، فيرجع الدور. هذا محصل توهم عود الدور.
وملخص دفعه بقوله : «لكونه مسبوقا» هو : أن استناد العدم إلى جميع أجزاء العلة إنما يصح إذا لم يكن بينها تقدم رتبي ، وإلّا فالمتعين استناد العدم إلى ما هو متقدم رتبة ؛ ومن المعلوم : تقدم عدم الإرادة لأجل عدم القدرة على وجود الضد المانع ، فيستند العدم إليهما ؛ لا إلى وجود الضد ، فلا يلزم الدور.
(١) هذا خبر لقوله : «وما قيل في التفصي» وجواب عنه.
وحاصل الجواب : أن ما قيل في التفصي عن الدور من التغاير بين الطرفين بالفعلية والشأنية وإن كان دافعا للدور بالتقريب المذكور ؛ لأن الدور مبنيّ على التوقف الفعلي من الطرفين. إلّا إن ملاك استحالته ـ وهو توقف الشيء على نفسه وتأخره عن نفسه برتبة ـ باق على حاله ، لأن مجرد التوقف الشأني من طرف العدم يكفي في بقاء ملاك الدور.
بتقريب : أن وجود أحد الضدين حيث يتوقف فعلا على عدم الضد الآخر متأخر عنه تأخر المعلول عن علته رتبة ، وعدم الضد الآخر حيث يصلح أن يستند إلى وجود هذا الضد ـ أي : على فرض كون المقتضي له موجودا ـ فهو متأخر عن وجود هذا الضد رتبة ، فيلزم ما ذكرناه من تقدم الشيء على نفسه ، وتأخره عن نفسه.
مثلا : إذا توقف وجود الإزالة بالفعل على عدم الصلاة ، فوجود الإزالة متأخر عن عدم الصلاة برتبة ؛ إذ وجود الإزالة معلول عدم الصلاة ، والمعلول متأخر عن علته برتبة. أما عدم الصلاة فيتوقف على الإزالة فعلا إذا كان المقتضي لفعلها موجودا أو تقديرا إذا لم يكن المقتضي موجودا ، وعلى كل حال : يكون كل واحد من الإزالة وعدم الصلاة علة وموقوفا عليه ، ومعلولا وموقوفا ، فالإزالة من حيث كونها علة لعدم الصلاة وموقوفا عليها مقدمة رتبة على عدم الصلاة على نحو تقدم العلة عن المعلول ، ومن حيث كونها معلولة لعدم الصلاة متأخرة عنه برتبة ، فيلزم تقدم الإزالة على الإزالة ، وتأخرها عنها ، وهو ما ذكرناه من لزوم تقدم الشيء على نفسه ، وتأخره عن نفسه.
(٢) أي : هذا إشكال على وجود ملاك الدور الذي تقدم في قوله : «إلّا إن غائلة لزوم ...» إلخ بتقريب : أنّنا نمنع مقدمية عدم أحد الضدين لوجود الضد الآخر ؛ بأن يكون