إن قلت : (١) التمانع بين الضدين كالنار على المنار ، بل كالشمس في رابعة النهار ، وكذا كون عدم المانع مما يتوقف عليه ، مما لا يقبل الإنكار ، فليس ما ذكر إلّا شبهة في مقابل البداهة.
قلت : (٢) التمانع بمعنى : التنافي والتعاند الموجب لاستحالة الاجتماع مما لا ريب
______________________________________________________
(١) الغرض من هذا الكلام هو : دفع الإشكال عن استدلال المشهور على النهي عن الضد بوجوب مقدمة الواجب.
توضيح ذلك بعد تمهيد مقدمة وهي : أن لنا مقدمتين واضحتين ، كالنار على المنار ، بل كالشمس في رابعة النهار :
الأولى : ثبوت التمانع والتضاد بين الضدين ، ولهذا يستحيل اجتماع الضدين في محل واحد.
الثانية : كون عدم المانع من مقدمات وجود الشيء ؛ لأن عدم المانع من أجزاء العلة التامة المتقدمة رتبة ، فالتمانع بين الضدين ، وكذا كون عدم المانع من أجزاء العلة التامة أمران بديهيان.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إن هاتين المقدمتين تنتجان كون عدم الضد مقدمة لوجود الضد الآخر ودخيلا في وجوده دخل عدم المانع في وجود المعلول ، فإذا كان عدم الضد مقدمة للواجب لكان واجبا على القول بوجوب المقدمة ، فيكون فعله منهيا عنه ، ففعل الصلاة منهي عنه ؛ لأن تركها مقدمة للواجب أعني : الإزالة.
فما استدل به المشهور بوجوب المقدمة على النهي عن الضد صحيح ، فالإشكال عليه بمنع التمانع بين الضدين ، ومنع مقدمية عدم أحد الضدين لوجود الآخر ليس إلّا شبهة في مقابل البداهة.
(٢) هذا جواب عن قوله : «إن قلت : ...» إلخ. الغرض منه : عدم صحة استدلال المشهور على النهي عن الضد بوجوب مقدمة الواجب ، فليس الإشكال عليهم كالشبهة في مقابل البداهة.
وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة : وهي : إن للتمانع إطلاقين :
الأول : التمانع بمعنى التعاند بين شيئين ؛ بحيث يمتنع اجتماعهما في الوجود كاجتماع المتناقضين.
الثاني : التمانع بمعنى : كون أحدهما مانعا عن الآخر ؛ بأن يكون عدمه دخيلا في وجود الآخر ومتقدما عليه طبعا تقدم جزء العلة على المعلول ، والتمانع بهذا المعنى هو المصطلح عندهم.