والتجريب ويخبر الزبيدي بذلك ليكون على بال. وتعرض لأهمية تموين الجيوش ليس فقط بالأسلحة والذخيرة بل بالمواد الغذائية الضرورية لتحركها وزيادة قدراتها ، فتطرق لكيفية تحضير (١) الخبز لحوالي ثمانين ألف جندي بواسطة آلات ضخمة لطحن الزرع وعجنه وطهيه خلال يوم واحد فقط ، وذلك استعدادا لأيام الحرب.
وبأنجلترا دولة السفير د. هاي الذي كان يدعو المخزن إلى القيام بإصلاحات عسكرية في النصف الثاني من القرن ١٩ م ، والذي تحول إلى سمسار لبيع الأسلحة لفائدة بلاده ودول أخرى ، والذي بعث ابنه روبرت كترجمان رسمي مرافق لأعضاء السفارة المغربية ، توجه بهم إلى ترسانة ولويش Woolwich الشهيرة بصناعة الأسلحة بمختلف أنواعها ، جعلت الجعيدي يهتم بما يراه مناسبا لبلاده وتحدث بإسهاب عن كيفية صناعة رويضات العود أي العجلات (٢) التي تركب في العربات والكراريط التي تحمل العدة والمدافع ، ولا تخفى علينا أهمية العجلات ودورها في العمل على نقل البضائع والمسافرين ، خاصة أن المغرب لم يكن يتوفر على طرق معبدة بمعناها الأوربي ، ولا على قناطر وجسور متينة لربط مدنه وأقاليمه لإخراجها من العزلة ، لأن الحمل كان في الغالب على البغال والجمال ، ولم يكن يخطر بالبال أن الطرق ووسائل الجر التي تستعمل العجلات ذات منافع اقتصادية واستراتيجية ، فلم تكن تعرف العجلة إلا لجر المدافع السلطانية أثناء الحركات العسكرية ، لهذا اهتم الجعيدي بكيفية صناعتها ودقق في الأمر وتتبع جميع المراحل بمهارة نادرة.
كما اهتم بالسلاح البحري (٣) الخطير الذي استنبطه المهندس البريطاني Robert Whitehead المعروف باسم الطوبيدTorPedo سنة ١٨٦٦ م وهو صاروخ بحري يخضع لتوجيه مسافي بدفع ذاتي يحمل كمية كبيرة من المتفجرات يمكن القذف به من البر
__________________
(١) الرحلة ، ص ٢٦٠.
(٢) انظر رحلة الجعيدي : ٣١٨ و٣١٩ و٣٢٠.
(٣) كان اهتمام المغاربة كبيرا بعلم أو فن المدفعية (تاطبجيت) بحكم موقعه الجغرافي وامتداد شواطئه المفتوحة على المتوسط والمحيط. هذه الترسانة زارها كذلك محمد الفاسي «الرحلة الإبريزية ..» : ٢٣. حققها محمد الفاسي.