كان يساعدهم في هذه المهمة سفير بلجيكا بطنجة السيد دالوان الذي سبق له أن أخبر المخزن عن هذا الرشاش ، كما أقنع الحسن الأول بإيفاد (١) بعثة طلابية إلى بلجيكا سنة ١٨٧٥ م وضرورة مرور سفارة الزبيدي على بلاده. غير أن دالوان عمل جهده على احتكار كل صفقات الأسلحة التي اشتراها المغرب من بلجيكا بمساعدة السفير الأنجليزي د. هاي. وقد ربح أموالا طائلة من هذه التجارة. كما أوضح ذلك الجعيدي في رحلته (٢) ، «لما استفسر الزبيدي عن ثمنها قيل له إن ذلك عند الباشدور الذي لهم بطنجة» ، غير أن الجعيدي نظرا لخبرته في هذا الميدان أخذ إحدى البنادق البلجيكية في ميدان الرماية الوطنية ببروكسيل وجربها وتفطن لبعض عيوبها ، فوجد نيشان الخزنة ضعيفا جدا لا ينحصر به المرمى وظهر له أن فورمة المكحلة أعظم من المرمى ، وحينما أخرج الطلقة لم يصب الهدف ، لهذا فضل عليها المكاحيل التقليدية المعروفة بالمغرب ، وأشاد بمهارة المغاربة في الرمي بها ، غير أن المخزن لم يعط لملاحظاته هذه أية أهمية وقام بشراء كميات كبيرة (٣) من هذه الأسلحة التي
__________________
(١) مظاهر يقظة المغرب الحديث ، المنوني ، ج ١.
(٢) الرحلة ، ص ٢١٨.
(٣) بعد عودة الزبيدي سنة ١٨٧٦ م جلب معه بعض النماذج من البنادق من نوع Wrendl التي تتميز بتعميرها من أسفلها عكس الأصناف المغربية التقليدية ، فاستشار السلطان د. هاي قبل جلب هذا الصنف. بعد ذلك وافق على جلب عدد هائل من بنادق Wrendl من بلجيكا. إلا أنه ما لبث أن اكتشف حقيقة أمر تلك المكاحل فأجاب د. هاي بواسطة حاجبه موسى بن أحمد «... العدة البلجيكية التي جلب الأمين الزبيدي عربونا استحسنتها أنت (هاي) فإن سيدنا أيده الله لما رءاها بديهة استحسنها ، واقتضى نظره السديد أولا جلب ٠٠٠ ، ١٠ منها للرجلي (المشاة) ثم لما أمعن النظر فيها وتأملها وجدها مرقعة ومصلوحة وأن جعبتها من الجعاب القديمة ، قطعت من أسفلها وألصقت بها برمة جديدة ، وكذا سريرها كان بالزناد فأزيل ورقع محله ، ولما رءاها مولانا على هذه الحالة رجع عما كان عليه من جلب العدد المذكور منها لما فيها من الترقيع ، خوفا من ظهور العيب فيها عند استخدامها ...» ، غير أن د. هاي تراجع عن أقواله السابقة ، وأكد للمخزن بأن المكاحل البلجيكية الصنع التي نصح هو بشرائها هي غير التي جلبها الزبيدي ، وتأجل ذلك لعام ١٨٧٨ م ، وثائق المحفوظات البريطانية ٣٢ / ٤٧١ / F.O يناير ١٨٧٧ م.