الصعوبة الثانية فهي تقنية قراءة النص خاصة أن المؤلف غالبا ما لا يفصح عن أسماء الأماكن التي يزورها وأسماء الأشخاص الأجانب الذين يستقبلهم. والصعوبة الثالثة تتجلى في اتساع الرقعة الجغرافية التي تجري فيها أحداث الرحلة وتعدد وتنوع المصادر والمراجع ، وصعوبة الترجمة خاصة بالنسبة للوثائق الإيطالية.
ـ فما هي السبل التي سلكناها قصد تجاوز هذه الصعوبات؟
انطلاقا من النص الذي هو عبارة عن مذكرات يومية ومتسلسلة زمنيا شبيهة (بالحوليات) إلا أنها تعالج أحداثا متنوعة ومختلفة. حاولنا أن نخضعه لعمليتي التفكيك والتركيب ، قصد توسيع مجال التفكير حول هذه الفترة والأحداث التي تعرض لها ، على أساس أن يبقى النص محترما في هيكله ليحتفظ دائما بقيمته الذاتية. أما الصعوبة الثانية فانطلاقا من الوصف الذي سجله صاحب الرحلة اعتمدنا على ما يقابله في الموسوعات العالمية حتى تمكنا من استخراج معظم أسماء الأماكن التي أشار إليها. واستعنا لشرح التقنيات الميكانيكية التي أشار إليها الجعيدي عند زيارته للفابريكات الصناعية ببعض مصادر تاريخ تطورها. كما اعتمدنا على ما كانت تنشره الصحف والجرائد من أخبار عن أنشطة الزبيدي ، خاصة الجرائد البلجيكية والإيطالية (١) ، حتى تمكنا من مواكبة تحركات السفارة المغربية داخل أوربا ، وكذلك تعرفنا على بعض الوثائق الرسمية الأجنبية والمحلية التي تحدثت عنها ، حتى استطعنا في الأخير أن نسلط الأضواء على الكثير من الجوانب الغامضة في الرحلة ، ونناقشها عن مصداقيتها من خلال هذه الوثائق ، كما قارناها مع بعض الرحلات السفارية المغربية الأخرى لنتعرف على مدى التطور الحاصل في فن أدب الرحلات خلال ق ١٩ م ، كما حاولنا ربط التوجهات الرئيسية للرحلة بما عرفه عهد السلطان الحسن الأول من إصلاحات في شتى الميادين ، أثناء وبعد رجوع السفارة المغربية ، خاصة أن السفير الزبيدي قد بقي يمارس مهامه المخزنية حتى الأيام الأخيرة من
__________________
(١) أما الصحافة الفرنسية فكانت مهتمة بالأزمة العثمانية. وحفر قناة السويس سنة ١٨٧٥ ، وكذلك بموت الكاتبة الفرنسية (١٨٧٦ـ ١٨٠٤) Sand ترجمتها ب Tom EncycloPédie, grande ,La Gerge
١٣:٣٨.