و «بصاحب».
باب الجمع
وأمّا تثقيل «الأمانيّ» فلأن واحدها «أمنيّة» مثقّل. وكلّ ما كان واحده مثقلا مثل : «بختيّة» و «بخاتيّ» فهو مثقّل. وقد قرأ بعضهم (إلّا أماني) [الآية ٧٨] فخفف وذلك جائز لأن الجمع على غير واحده ونيقص منه ويزاد فيه. فأما «الأثافي» فكلّهم يخفّفها وواحدها «أثفيّة» مثقّلة وإنما خففوها لأنهم يستعملونها في الكلام والشعر كثيرا ، وتثقيلها في القياس جائز. ومثل تخفيف «الأماني» قولهم : «مفتاح» و «مفاتح» وفي «معطاء» «معاط». قال الأخفش (١) : «قد سمعت بلعنبر تقول : «صحاري» و «معاطي» فتثقل.
وقوله (وإن هم إلّا يظنّون) [الآية ٧٨] أي : «فما هم إلّا يظنّون».
(فويل لّلّذين يكتبون الكتب) [الآية ٧٩] يرفع «الويل» لأنه اسم مبتدأ جعل ما بعده خبره. وكذلك «الويح» و «الويل» و «الويس» إذا كانت بعدهنّ هذه اللام ترفعهن. وأما «التعس» و «البعد» وما أشبههما فهو نصب أبدا ، وذلك أنّ كل ما كان من هذا النحو تحسن إضافته بغير لام فهو رفع باللام ونصب بغير لام نحو (ويل لّلمطفّفين) (١) [المطفّفين : الآية ١] و «ويل لزيد» ولو ألقيت اللام قلت : «ويل زيد» و «ويح زيد» و «ويس زيد» ، فقد حسنت إضافته بغير لام فلذلك رفعته باللام مثل (ويل يومئذ لّلمكذّبين) (١٥) [المرسلات : الآية ١٥].
وأما قوله (ألا بعدا لّمدين) [هود : الآية ٩٥] و (ألا بعدا لّثمود) [هود : الآية ٦٨] و (الذين كفروا فتعسا لهم) [محمد : ٨] فهذا لا تحسن إضافته بغير لام. ولو قلت : «تعسهم» أو «بعدهم» لم يحسن. وانتصاب هذا كله بالفعل ، كأنك قلت : «أتعسهم الله تعسا» و «أبعدهم الله بعدا». وإذا قلت : «ويل زيد» فكأنك قلت «ألزمه الله الويل». وأما رفعك إياه باللام فإنما كان لأنك جعلت ذلك واقعا واجبا لهم في الاستحقاق. ورفعه على الابتداء ، وما بعده مبني عليه ، وقد ينصبه قوم على ضمير الفعل وهو قياس حسن ، فيقولون : «ويلا لزيد» و «ويحا لزيد».
__________________
(١) الأخفش : هو الأخفش الأكبر عبد الحميد بن عبد المجيد الذي نقل عنه سيبويه اللغات. انظر ترجمته في : مراتب النحويين ص ٣٢ ، وطبقات اللغويين ٤٠ ، ونزهة الألبا ، ص ٢٨٠ ، وإنباه الرواة ٢ / ٥٧ ، وبغية الوعاة ص ٢٩٦.