مثل قول القائل (فاعلموا إخواني) و (ح) بما أن تلك الخطابات المحكية باقية إلى زماننا ، ونسبة الأولين والآخرين إليها سواء ، فلا محالة يكون اختصاصها إليهم بلا وجه ، بل اختصاصها إليهم ثم تعميمها إلى غيرهم لغو ، إذ لا وجه لهذا الجعل الثانوي من قوله مثلا ـ ان حكمي على الآخرين حكمي على الأولين ـ بعد إمكان الشمول للجميع على نسق واحد.
بل عدم الدليل على الاختصاص كاف في بطلانه بعد كون العنوان عاما أو مطلقا وبعد كون الخطاب الكتبي إلى كل من يراه امراً متعارفاً كما هو المعمول من أصحاب التأليف من الخطابات الكثيرة ، فظهر ان خطابات القرآن كغيرها في انها ليست خطابات حقيقية.
واما التخلص عن هذا الإشكال بالتمسك بالقضية الحقيقية ، فضعيف جداً لأن الحكم في القضية الحقيقية على عنوان للافراد قابل للصدق على كل مصداق موجود فعلا أو ما يوجد في القابل ، ومثل ذلك لا يتصور في الخطاب ، إذ لا يمكن ان يتعلق الخطاب بعنوان أو افراد له ولو لم تكن حاضرة في مجلس التخاطب والخطاب نحو توجه تكويني نحو المخاطب لغرض التفهيم ، ومثل ذلك يتوقف على حاضر ملتفت ، والمعدوم والغائب ليسا حاضرين ولا ملتفتين ، و (بالجملة) ما سلكناه من التمسك بالقضية الحقيقية ، في غير الخطابات لا يجري فيها ، إذ الخطاب الحقيقي يستلزم وجوداً للمخاطب ، ووجودا واقعيا للمخاطب ، والقول بان الخطاب متوجه إلى العنوان كجعل الحكم عليه ، مغالطة محضة ، لأن تصور الخطاب بالحمل الشائع يأبى عن التفوه بذلك ، و (لو اشتهى) أحد إصلاح هذا القسم من هذا الطريق أيضا فلا بدّ ان يتمسك في إثبات شمول الخطاب للمعدوم والغائب ، بان المعدوم نزل منزلة الموجود ، أو غير الشاعر منزلة الشاعر الملتفت كما هو المشهور في مخاطبة الجمادات كما في الشعر :