كلمات القوم.
وبالجملة لم يكن
عمل النبي والخلفاء من بعده على الأمارات إلا جريا على المسلك المستقر عند العقلاء
، بلا تأسيس أمارة أو تتميم كشف لها ، أو جعل حجية وطريقية لواحدة منها ، بل في
نفس روايات خبر الثقة ، شواهد واضحة على تسلم العمل بخبر الثقة ولم يكن الغرض من
السؤال إلّا العلم بالصغرى ، وان فلا ناهل هو ثقة أولا ، فراجع مظانها تجد شواهد
على ما ادعيناه
ومن ذلك يعلم ان قيام الأمارات مقام القطع
بأقسامه ، مما لا معنى له ، اما القطع الطريقي ، فان عمل العقلاء بالطرق المتداولة
حال عدم العلم ، ليس من باب قيامها مقام العلم ، بل من باب انها إحدى الطرق
الموصلة غالبا إلى الواقع ، من دون التفات إلى التنزيل والقيام مقامه
نعم : القطع طريق
عقلي مقدم على الطرق العقلائية ، والعقلاء انما يعملون بها عند فقد القطع ، وذلك
لا يستلزم كون عملهم من باب قيامها مقامه ، حتى يكون الطريق منحصراً بالقطع عندهم
، ويكون العمل بغيره بعناية التنزيل والقيام مقامه ، وان شئت قلت : ان عمل العقلاء
بالطرق ، ليس من باب انها منزلة مقام العلم ، بل لو فرضنا عدم وجود العلم في
العالم ، كانوا عاملين بها من غير التفات إلى جعل وتنزيل أصلا.
فما ترى في كلمات
المشايخ من القول بان الشارع جعل المؤدّى منزلة الواقع تارة ، أو تمم كشفه ، أو
جعل الظن علما في مقام الشارعية ، أو أعطاه مقام الطريقية ، وغيرها لا تخلو عن
مسامحة ، فانها أشبه شيء بالخطابة ، فتلخص ان العمل بالأمارات عند فقد القطع
الطريقي ، ليس إلّا لكونها إحدى الافراد التي يتوصل بها إلى إحراز الواقع ، من دون
ان يكون نائباً أو فرعاً لشيء أو قائما مقامه
واما القطع الموضوعي : فملخص الكلام ان القطع
تارة يؤخذ بما انه أحد الكواشف وأخرى بما انه كاشف تام ، وثالثة ، بما انه من
الأوصاف النفسانيّة ، فلو كان مأخوذاً في الموضوع تماماً أو جزءاً ، على النحو
الأول فلا شك انه يعمل بها عند