(وَأَشْفَقْنَ مِنْها).
أي : خفن ، على المجاز ، كما قيل :
٩٢٥ ـ يريد الرمح قلب أبي براء |
|
ويرغب عن دماء بني عقيل (١) |
ـ وعن القاضي أبي القاسم الداودي (٢) :
إنّ هذه الأمانة هي القوى الثلاثة التي في الإنسان : قوة العقل ، وقوتا الشهوة والغضب ، فإنّه لم يحمل جميعها من بين السموات والأرض أحد سوى الإنسان ، وهذا الإنسان الضعيف الظلوم الحامل ما لا تحمله السموات والأرض من هذه القوى الثلاثة المتضادة شبّه في رموز الحكماء ب بيت فيه ملك ، وخنزير ، وسبع ، فالملك عقله ، والخنزير شهوته ، والسبع غضبه.
وقالوا : أيّ الثلاثة غلبت فالبيت له.
فليت عقله إذا ثبت لمغالبة العدوّين اللذين يجاذبانه إلى هلاكه ختلا ويساكنانه أبدا.
وأمّا إذا كان ناقصا جهولا بين قويّين ظلومين على ما هو الأغلب في الناس فهناك كلّ شر وفساد.
إذ قيل : ويل للقويّ بين الضعيفين فكيف للضعيف بين القويين؟!
__________________
(١) البيت في اللسان مادة : رود ، ومجاز القرآن ١ / ٤١٠ ؛ وتفسير القرطبي ١١ / ٢٦ ؛ وتفسير الطبري ١٥ / ١٧١. وهو للنجاشي الحارثي.
(٢) قال الثعالبي : هو اليوم صدر أهل الفضل ، وفرد أعيان الأدب والعلم بهراة ، يضرب في المحاسن بالقدح المعلى ، ويسمو منها إلى الشرف الأعلى ، وأخباره في الكرم مذكورة ومآثره في الرياسة مأثورة ، وهو القائل :
ربما قصّر الصديق المقل |
|
عن حقوق بهنّ لا يستقل |
ولئن قلّ نائل فصفاء |
|
في وداد ومنّة لا تقل |
كان معاصرا للثعالبي ، والثعالبي توفي سنة ٤٢٩ ه. راجع يتيمة الدهر ٤ / ٣٤٥ ؛ والتمثيل والمحاضرة ص ٣٤٨.