تبليغ الرسول القرآن بمكّة والنظام الّذي سنّه لإقرائه
لمعرفة ذلك ينبغي الحديث عن أمرين :
أ ـ شأن القرآن الذين نزل بمكّة.
ب ـ كيفية تبليغ الرسول (ص) القرآن والنظام الّذي سنّه لإقرائه.
أوّلا ـ شأن القرآن الّذي نزل بمكّة :
نزل القرآن على رسول الله (ص) ثلاث عشرة سنة بمكّة ، قصيرة آياته ، صغيرة جلّ سوره ، ممّا يحفظه العربي المتولّع بحفظ القصائد والأمثال السارية عادة لسماعه مرّة واحدة ، مثل قوله تعالى : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ). كانت تنزل في حادثة ما ، أو جواب سؤال ، أو ردّ تعنّت. فكان من الطبيعي أن يحفظه عن ظهر قلب من كان قريبا منه ، مثل خديجة وعليّ وجعفر وزيد ، وكذلك المسلمون الأوائل ، مثل : مصعب بن عمير وابن مسعود وابن ام مكتوم وخباب بن الأرت والأرقم بن أبي الأرقم ونظرائهم.
إذا فقد كان من الطبيعي ـ أيضا ـ أن يجمع ما نزل من القرآن متدرّجا ، بمكّة جلّ المسلمين الأوائل : أي : يحفظونه عن ظهر قلب. ولنا على ذلك أدلّة من التاريخ ، سنذكرها بعيد هذا إن شاء الله تعالى.
ثانيا ـ تبليغ الرسول والنظام الّذي سنّه :
كان رسول الله (ص) تنفيذا لأمر الله وأداء لرسالته يتلو القرآن :
على الملأ من قريش وحجيج بيت الله الحرام بمكّة ، يسمعهم آيات الله جهرا يتمّ عليهم الحجّة بذلك.
ويقرئ من شاء أن يهتدي. يعلمهم القرآن مع تفسيره سرّا.
أمّا عمله مع الصنف الأوّل فسوف نشرحه في الخاتمة إن شاء الله تعالى.
وأمّا عمله مع الصنف الثاني ، فكان لا يتم جهرا مع مظاهرة كفار قريش