ظهر قلب واليكم خبرين يدلان على حفظهم القرآن عن ظهر قلب.
خبر اجهار ابن مسعود بقراءة القرآن :
ومن الذين استمعوا إلى القرآن ، وآمنوا به في المرحلتين الأخيرتين من اقتدى بالرسول في إسماع القرآن للناس مثل عبد الله بن مسعود.
روى ابن عبد البر وابن الاثير وابن حجر وغيرهم في ترجمة عبد الله بن مسعود من كتب تراجم الصحابة ، وكذلك روى في كتب التاريخ كلّ من الطبري وابن الأثير وابن كثير وغيره في ذكر حوادث قبل هجرة المسلمين الأولى إلى الحبشة وقالوا :
كان أوّل من جهر بالقرآن بمكّة بعد رسول الله (ص) عبد الله بن مسعود وذلك لأنه اجتمع يوما أصحاب رسول الله (ص) ، فقالوا : والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط فمن رجل يسمعهم فقال عبد الله بن مسعود أنا. فقالوا : إنّا نخشاهم عليك إنما نريد رجلا له عشيرة تمنعه من القوم إن أرادوه. فقال : دعوني فإن الله سيمنعني فغدا عبد الله حتى أتى المقام في الضحى وقريش في أنديتها ، حتّى قام عند المقام ، فقال رافعا صوته : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمنُ* عَلَّمَ الْقُرْآنَ)
فاستقبلها فقرأ بها فتأملوا فجعلوا يقولون ما يقول ابن ام عبد ثم قالوا : انه ليتلو بعض ما جاء به محمد فقاموا فجعلوا يضربون في وجهه وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله ان يبلغ ثم انصرف إلى أصحابه ، وقد أثروا بوجهه فقالوا : هذا الذي خشينا عليك.
فقال ما كان أعداء الله قط أهون عليّ منهم الآن ولئن شئتم غاديتهم بمثلها غدا. قالوا : حسبك قد أسمعتهم ما يكرهون (١).
__________________
(١) أسد الغابة ٣ / ٢٥٦ ٢٥٧ ، والاصابة ٢ / ٣٦١ ، وطبقات ابن سعد ٣ / ١١٧ ، والطبري ـ