الخصوصية الثالثة : ان نسلّم بانّ الخصوصيتين السابقتين غير نافعتين لدفع التنافي وان الصلاة في المكان المغصوب لا يمكن ان يجتمع عليها أمر ونهي بعنوانين ، ولكننا نفترض انها متعلّقة للامر والنهي مع عدم تعاصرهما في الفعلية زمانا (١) فيبحث عما اذا كان هذا نافعا في دفع التنافي أو لا. ومثاله المقصود حالة طروّ الاضطرار بسوء الاختيار ، وتوضيحه ان الانسان تارة يدخل الى الارض المغصوبة بدون اختياره واخرى يدخلها بسوء اختياره ، وفي كلتا الحالتين يصبح بعد الدخول مضطرّا الى التصرّف في المغصوب بالمقدار الذي يتضمّنه الخروج غير ان هذا المقدار يكون مضطرّا إليه لا بسوء الاختيار في الحالة الاولى ، ومضطرا إليه بسوء الاختيار في الحالة الثانية. ويترتب على ذلك ان هذا المقدار في الحالة الاولى يكون مرخّصا فيه من قبل الشارع ،
__________________
(١) اي اذا كان احدهما فعليا فالحكم الآخر غير فعلي.
__________________
والجواب بالنفي ، وذلك لان متعلّق النهي ـ كالغصب في «لا تغصب» ـ يكون شموليا فستكون كل الطبائع الخارجية للغصب منهيا عنها ، ولا يعقل ان تكون طبيعة خارجية ما مبغوضة للمولى ومنهيا عنها ثم يحبّها المولى لجهة اخرى او يأمر بها أيضا؟! او ان يحب تطبيق مصداق من مصاديق الواجب ـ كالصلاة ـ على هذه الطبيعة المبغوضة؟!
وبتفصيل اكثر : اذا كان متعلقا الامر والنهي شموليين فسيحصل تعارض في المجمع ، وان كان متعلق الامر مطلقا بالاطلاق البدلي والنهي شموليا فان وجد مندوحة كما لو استطاع على الصلاة في المباح تعيّن ذلك وان صحّت الصلاة في المغصوب أيضا لكون الاباحة غير معلوم انها مقومة لماهية الصلاة ـ كما قلنا قبل قليل ـ فتجري البراءة عن هذه الشرطية المشكوكة ، وان لم يوجد مندوحة جرت قاعدة الترتّب كتقديم الاهمّ ، وذلك كما في «انقذ» و «لا تغصب» وكان الانقاذ في الارض المغصوبة.