ظاهرها أنهم طلبوا بيان الفضل في إخراج الفضل فبينت لهم وجود الفضل.
ذكر الآية الثالثة والعشرين :
قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ) [البقرة : ٢١٦].
اختلفوا في هذه الآية هل هي منسوخة أو محكمة؟
فقال قوم : هي منسوخة لأنها تقتضي وجوب القتال على الكل ؛ لأن الكل خوطبوا بها ، (وَكِتابٌ) بمعنى فرض.
قال ابن جريج سألت عطاء ، أواجب الغزو على الناس من أجل هذه الآية؟ فقال : إنما كتب على أولئك حينئذ.
وقال ابن أبي نجيح سألت مجاهدا هل الغزو واجب على الناس؟ فقال : لا ؛ إنما كتب عليهم يومئذ.
وقد اختلف أرباب هذا القول في ناسخها على قولين :
الأول : أنه قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) [البقرة : ٢٨٦] قاله عكرمة.
والثاني : قوله : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ) [التوبة : ١٢٢].
وقد زعم بعضهم أنها ناسخة من وجه ، ومنسوخة من وجه ، وذلك أن الجهاد كان على ثلاث طبقات :
المنع من القتال ، وذلك مفهوم من قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) [النساء : ٧٧] فنسخت بهذه الآية ووجب بها التعين على الكل ، وساعدها قوله تعالى : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) [التوبة : ٤١] ثم استقرّ الأمر على أنه إذا قام بالجهاد قوم سقط عن الباقين بقوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ) والصحيح أن قوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ) [البقرة : ٢١٦] محكم ، وأن فرض الجهاد لازم للكل ، إلا أنه من فروض الكفايات ، إذا قام به قوم سقط عن الباقين. فلا وجه للنسخ (١).
ذكر الآية الرابعة والعشرين :
قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) [البقرة : ٢١٧]. سبب سؤالهم عن هذا ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث سرية فقتلوا عمرو بن الحضرمي في
__________________
(١) انظر «صفوة الراسخ» (ص ٥٧ ـ ٥٨).