قلت : وهذا الحكم باق عندنا ، وإن من اشتبهت عليه القبلة فصلّى بالاجتهاد فصلاته صحيحة مجزية ، وهو قول سعيد بن المسيب ، ومجاهد ، وعطاء ، والشعبي ، والنخعي ، وأبي حنيفة. وللشافعي قولان :
الأول : كمذهبنا.
والثاني : يجب الإعادة ، وقال الحسن والزهري وربيعة : يعيد في الوقت ، فإذا فات الوقت لم يعد ، وهو قول مالك.
القول الثاني : أن المراد بالآية صلاة التطوع [١٩] (١) ـ أخبرنا أبو بكر بن حبيب ، قال : بنا علي بن الفضل ، قال : أخبرنا ابن عبد الصمد ، قال : أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حموية قال : ابنا إبراهيم بن حريم ، قال : حدّثنا عبد الحميد ، قال : أخبرنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان ، قال : سمعت سعيد بن جبير يحدّث عن ابن عمر قال : كان النبي صلىاللهعليهوسلم يصلّي على راحلته تطوعا أينما توجهت به ، وهو جاء من مكة إلى المدينة ، ثم قرأ ابن عمر : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) فقال ابن عمر رضي الله عنه : في هذا أنزلت الآية.
القول الثالث : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما صلّى على النجاشي ، قال أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كيف نصلّي على رجل مات وهو يصلي على غير قبلتنا؟ وكان يصلي إلى بيت المقدس حتى مات ، وقد صرفت القبلة إلى الكعبة ، فنزلت هذه الآية. رواه عطاء ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (٢).
القول الرابع : أن المراد بالآية : أينما كنتم من شرق أو غرب فاستقبلوا الكعبة ، قاله مجاهد (٣).
__________________
وأعله الحافظ ابن حجر في «العجاب» (١ / ٣٦٢) بالانقطاع.
وأخرجه البيهقي (٢ / ١١) من طريق : الحارث بن نبهان ، عن محمد بن عبيد الله العرزمي ،عن عطاءبه.
وإسناده ضعيف جدا ؛ لأجل الحارث بن نبهان ، وهو «متروك».
فالحديث ضعيف من جميع طرقه وشواهده ، والله تعالى أعلم.
(١) أخرجه مسلم (٧٠٠) وأحمد (٢ / ٢٠) أو رقم (٤٧١٤) ـ أحمد شاكر ـ والترمذي (٢٩٥٨) والنسائي (١ / ٢٤٤) وابن أبي حاتم في «تفسيره» (١ / ٢١٢ / ١١٢١) وابن خزيمة في «صحيحه» (٢ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣ / ١٢٦٧ ، ١٢٦٩) وابن جرير في «تفسيره» (١ / ٥٠٣) والدارقطني (١ / ٢٧٢) والبيهقي (٢ / ٤) وغيرهم.
(٢) انظر «أسباب النزول» (ص ٣٨).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (١ / ٢١٢ / ١١٢٢).