عنهم ويصفح ، حتى يأتي الله بأمره ، فأنزل في براءة (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) [التوبة : ٢٩] فنسخها بهذه الآية ، وأمره فيها بقتال أهل الكتاب حتى يسلموا ، أو يقروا بالجزية.
قال أحمد : وحدّثنا عبد الرزاق ، قال : حدّثنا معمر ، عن قتادة (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا) [البقرة : ١٠٩] نسختها : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥].
[١٧] (١) ـ أخبرنا ابن ناصر ، قال : أخبرنا علي بن أيوب قال : أخبرنا ابن شاذان ، قال : أخبرنا أبو بكر النجاد ، قال : أخبرنا أبو داود السجستاني ، قال : بنا أحمد بن محمد المروزي ، قال أخبرنا آدم بن أبي إياس ، قال : حدّثنا أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا) قال : نسخ بقوله : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) الآية.
فصل
واعلم أن تحقيق الكلام دون التحريف فيه أن يقال : إن هذه الآية ليست بمنسوخة ، لأنه لم يأمر بالعفو مطلقا ، وإنما أمر به إلى غاية ، وبيّن الغاية بقوله : (حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) [البقرة : ١٠٩] وما بعد الغاية يكون حكمه مخالفا لما قبلها ، وما هذا سبيله لا يكون أحدهما ناسخا للآخر ، بل يكون الأول قد انقضت مدته بغايته والآخر محتاجا إلى حكم آخر ، وقد ذهب إلى ما قالته جماعة من فقهاء المفسرين وهو الصحيح ، وهذا إذا قلنا : إن المراد العفو عن قتالهم ، وقد قال الحسن : هذا فيما بينكم وبينهم دون ترك حق الله تعالى حتى يأتي الله بالقيامة.
وقال غيره : بالعقوبة ، فعلى هذا يكون الأمر بالعفو محكما لا منسوخا.
ذكر الآية السابعة :
قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة : ١١٥]. اختلف المفسرون في المراد بهذه الآية على ثمانية أقوال :
القول الأول : أنها نزلت في اشتباه القبلة
__________________
(١) إسناده ضعيف.
أبو جعفر الرازي ؛ هو عيسى بن أبي عيسى عبد الله بن ماهان ؛ «صدوق سيئ الحفظ».
«تقريب» (٨٠٧٧).
والربيع بن أنس ؛ «صدوق له أوهام».
والخبر أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (١ / ٢٠٦ / ١٠٩٠) من طريق : أبي جعفر به.