فإذا اريد استصحاب قيام زيد أو وجوده ، فلا بدّ من تحقّق زيد في الزمان اللاحق على النحو الذي كان معروضا في السابق ، سواء كان تحقّقه في السابق بتقرّره ذهنا أو بوجوده خارجا ، فزيد معروض للقيام في السابق بوصف وجوده الخارجي ، وللوجود بوصف تقرره ذهنا ، لا وجوده الخارجيّ.
وبهذا اندفع ما استشكله بعض (١) في كليّة اعتبار بقاء الموضوع في الاستصحاب ، بانتقاضها باستصحاب وجود الموجودات عند الشكّ في بقائها ؛ زعما منه أنّ المراد ببقائه وجوده الخارجيّ الثانويّ ، وغفلة عن أنّ المراد وجوده الثانويّ على نحو وجوده الأوّلي الصالح لأن يحكم عليه بالمستصحب وبنقيضه ، وإلّا لم يجز أن يحمل عليه المستصحب في الزمان السابق. فالموضوع في استصحاب حياة زيد هو زيد القابل لأن يحكم عليه بالحياة تارة وبالموت اخرى ، وهذا المعنى لا شكّ في تحقّقه عند الشكّ في بقاء حياته.
______________________________________________________
الوجود أمر واقعيّ في الخارج ومرادهم باشتراط بقاء الموضوع في قضيّة جريان الاستصحاب ليس ما هو المستفاد من ظاهر لفظ البقاء ، أعني : الوجودات المتأخّرة للشيء كما أشرنا إليه آنفا ، وإلّا لم يصحّ استصحاب وجود زيد مع العلم ببقائه بوجوداته المتأخّرة كما هو واضح. بل المراد كون معروض المستصحب موضوعا في القضيّة الثانية المشكوكة على نحو كونه موضوعا في القضيّة الاولى المتيقّنة. فزيد في مثل قولنا : زيد قائم مأخوذ بوجوده الخارجي ، فعند الشكّ في قيامه وإرادة استصحابه لا بدّ من العلم بتحقّقه في زمان الشكّ بوجوده الخارجي ليصحّ وقوعه موضوعا في القضيّة المشكوكة كذلك ، لفرض وقوعه كذلك في القضيّة المتيقّنة. وفي مثل قولنا : زيد موجود مأخوذ بوجوده التقرّري الذاتي الصالح للوجود والعدم ، وهو ممكن في القضيّة المشكوكة.
وممّا ذكرناه يظهر أنّ مراد المصنّف رحمهالله بكون زيد معروضا للوجود بوجوده التقرّري الذهني ليس كون معروض الوجود هو الوجود الذهني الظلّي ، لوضوح أنّ الوجود أمر خارجي وإن لم يكن موجودا خارجيّا كما قرّر في محلّه ، فلا يصلح الوجود