ثمّ المعتبر هو الشكّ الفعلي الموجود حال الالتفات إليه ، أمّا لو لم يلتفت فلا استصحاب وإن فرض الشكّ فيه على فرض الالتفات. فالمتيقّن للحدث إذا التفت (٢٠٤٥) إلى حاله في اللاحق فشكّ ، جرى الاستصحاب في حقّه ، فلو غفل عن ذلك وصلّى بطلت صلاته ؛ لسبق الأمر بالطهارة ، ولا يجري في حقّه حكم الشكّ
______________________________________________________
السابق مع علمه بأنّه كان عالما ، فلا يخلو : إمّا أن ينسى طريق علمه السابق ، أو يتردّد فيه ، أو يعلم عدم قابليّته. والأقوى جريان الاستصحاب في القسمين الأوّلين. وأمّا ما وقع منه من العمل فيحكم بصحّته ما لم يعلم بعدم مقتضى علمه» انتهى.
وثانيها : أن يكون الشكّ لا حقا باليقين ، بمعنى تقدّم المتيقّن على المشكوك ، وإلّا فقد عرفت عدم اعتبار تقدّم وصف اليقين في ماهيّة الاستصحاب. وإنّما قيّدنا بذلك احترازا عن الاستصحاب القهقرائي ، وهو ما كان فيه المشكوك فيه سابقا على المتيقّن ، على عكس الاستصحاب المتعارف ، فينسحب فيه المتيقّن اللاحق إلى زمان المشكوك فيه السابق ، كما في موارد أصالة عدم النقل. وقد اشتهرت تسميته بما ذكرناه في لسان الوحيد البهبهاني وتلميذه صاحب الرياض ، وسيشير إليه المصنّف رحمهالله في التنبيهات. فإذا ثبت كون لفظ حقيقة في عرفنا ، وشكّ في كونه كذلك في عرف الشارع أو اللغة أيضا ، يقال : إنّ مقتضى الاستصحاب القهقرائي أن يكون كذلك في عرف الشارع أو اللغة أيضا. والظاهر أنّ استنادهما في إثبات الحقيقة الشرعيّة أو اللغويّة ليس إلى مثل هذا الاستصحاب ، لعدم مساعدة دليل عليه ، بل إلى أمر آخر مثل غلبة تشابه الأزمان ونحوها ، وإن عبّروا به في مقام الإثبات.
وثالثها : فعليّة الشكّ ، فلا يكفي الشكّ الشأني والتقديري كما قرّره المصنّف قدسسره ، لأنّه المنساق من الشك المأخوذ في الأخبار.
٢٠٤٥. لا يخفى أنّ المتيقّن للحدث إمّا أن يلتفت فيحصل له الشكّ ويصلّي مع شكّه ، وإمّا أن يلتفت فيحصل له الشكّ ، ثمّ يغفل عن شكّه فيصلّي ، ويلتفت