ولا يخفى ما في هذا الجواب ، أمّا اوّلا : فلأنّ نسخ أكثر (٢٥١٤) النبوّات لا يستلزم تحديدها ، فللخصم أن يدّعي ظهور أدلّتها ـ في أنفسها أو بمعونة الاستقراء ـ في الاستمرار ، فانكشف نسخ ما نسخ وبقي ما لم يثبت نسخه. وأمّا ثانيا : فلأنّ غلبة (٢٥١٥) التحديد في النبوّات غير مجدية ؛ للقطع بكون إحداها مستمرّة ، فليس ما وقع الكلام في استمراره أمرا ثالثا يتردّد بين إلحاقه بالغالب وإلحاقه بالنادر ، بل يشكّ في أنّه الفرد النادر أو النادر غيره ، فيكون هذا ملحقا بالغالب.
والحاصل أنّ هنا أفرادا غالبة وفردا نادرا ، وليس هنا مشكوك قابل اللحوق بأحدهما ، بل الأمر يدور بين كون هذا الفرد هو الأخير النادر أو ما قبله الغالب ، بل قد يثبت بأصالة (٢٥١٦) عدم ما عداه كون هذا هو الأخير المغاير للباقي.
______________________________________________________
٢٥١٤. أنت خبير بأنّ هذا وإن كان متّجه الورود على ما أجاب به المحقّق القمّي رحمهالله ، إلّا أنّه لا يصحّ الاعتراض الذي أورده على نفسه ، لأنّ ظهور أدلّة النبوّات في أنفسها أو بمعونة الاستقراء في الاستمرار والدوام ، لا يجدي في إلحاق المشكوك فيه بالأعمّ الأغلب بعد ظهور عدم استمرار أغلبها في الواقع. ولعلّ مراد المصنّف رحمهالله أيضا دفع الجواب لا تصحيح الاعتراض.
٢٥١٥. حاصله : أنّ دعوى الغلبة إنّما تتمّ فيما كان هنا أفراد غالبة وفرد نادر وفرد ثالث مشكوك اللحوق بالغالب أو النادر ، وما نحن فيه ليس كذلك ، إذ المفروض فيه أنّ هنا في الواقع أفرادا غالبة وهي النبوّات المحدودة ، وفردا نادرا وهي النبوّة المستمرّة ، ووقعت الشبهة في أنّ نبوّة موسى أو عيسى عليهماالسلام هو الفرد النادر بالخصوص أو هي من الأفراد الغالبة والنادر غيرها ، ولا ريب أنّ غلبة التحديد في النبوّات لا يثبت أنّ المشكوك فيها من الغالبة وأنّ الفرد النادر غيرها.
ثمّ لا يخفى أنّ المحقّق القمّي رحمهالله لو قنع بمجرّد منع تحقّق الغلبة في ظهور أدلّة النبوّات في الاستمرار ، من دون دعوى الغلبة في النبوّات المحدودة ، لسلم من الإيراد المذكور.
٢٥١٦. يرد عليه : أنّ هذا الأصل مثبت فلا يعتدّ به.