الاجتهاد الأوّل على خلافه وعدم انعقاد إجماع أهل العصر الثاني على كلّ واحد منهما ، وأنّه لم يحصل في الاجتهاد الثاني مبطل للأوّل ، بل معارض لدليله مساو له (٢١) ، انتهى. وقد أكثر في الإيضاح من عدم الاعتبار (٣١٣) بالخلاف ؛ لانقراض عصر المخالف ، وظاهره الانطباق (٣١٤) على هذه الطريقة ، كما لا يخفى.
وقال في الذكرى : ظاهر العلماء المنع عن العمل بقول الميّت ، محتجّين بأنّه لا قول للميّت ؛ ولهذا ينعقد الإجماع على خلافه ميّتا. واستدلّ المحقّق الثاني في حاشية الشرائع على أنّه لا قول للميّت : بالإجماع على أنّ خلاف الفقيه الواحد لسائر أهل عصره يمنع من انعقاد الإجماع ؛ اعتدادا بقوله واعتبارا بخلافه ، فإذا مات وانحصر أهل العصر في المخالفين له انعقد وصار قوله غير منظور إليه ولا يعتدّ به ، انتهى.
وحكي عن بعض أنّه حكى عن المحقق الداماد قدسسره ، أنّه قال في بعض كلام له في تفسير «النعمة الباطنة» : إنّ من فوائد الإمام عجّل الله فرجه أن يكون مستندا لحجّية إجماع أهل الحلّ والعقد من العلماء على حكم من الأحكام ـ إجماعا بسيطا في أحكامهم الإجماعيّة ، وحجّية إجماعهم المركّب في أحكامهم الخلافيّة ـ فإنّه عجّل الله فرجه لا ينفرد بقول ، بل من الرحمة الواجبة في الحكمة الإلهيّة أن يكون في المجتهدين المختلفين في المسألة المختلف فيها من علماء العصر من يوافق رأيه رأي إمام عصره وصاحب أمره ويطابق قوله قوله وإن لم يكن ممّن نعلمه بعينه ونعرفه بخصوصه (٢٢) ، انتهى.
______________________________________________________
٣١٣. قال الفيّومي : «استكثرت من الشيء إذا أكثرت فعله. وقول الناس : أكثرت من الأكل ونحوه ، يحتمل الزيادة على مذهب الكوفيّين ، ويحتمل أن يكون للبيان على مذهب البصريّين ، والمفعول محذوف ، والتقدير : أكثرت الفعل من الأكل ، وكذلك ما أشبهه» انتهى.
٣١٤. لأنّ ظاهره قدح مخالف واحد في انعقاد الإجماع في عصر واحد ، وهو منطبق على قاعدة اللطف ، وإلّا كان الأنسب أن يعتذر بعدم قدح وجود المخالف ، مطلقا لا بانقراض عصر المخالف ، فالاعتذار به ظاهر في الاستناد إلى القاعدة.