.................................................................................................
______________________________________________________
الموضوعيّة دون الطريقيّة ـ كما في الشهادة والفتوى ـ لا يبقى وجه لعدم اعتباره في حقّ القاطع ، إذ لا إشكال في أنّه إذا حصل القطع للشاهد أو المفتي من الأسباب غير المتعارفة كان معتبرا في حقّهما ، وإن لم يجز للغير قبول شهادة مثل هذا الشاهد وتقليد مثل هذا المفتي ، ولذا لا يجوز للأوّل التصرف في المال الذي قطع بكونه لزيد ، وللثاني تقليد غيره. فإذا تعيّن إرادة الاحتمال الثاني فقد ذكر المصنّف فيه وجوها ثلاثة ، أقربها إلى الإرادة هو الأوّل. وفيه أيضا وجوه أخر :
أحدها : ـ وهو ما فهمه صاحب الفصول من كلامه كما ستعرفه ـ أن يريد بقوله : «فيلغو اعتبارهما في حقّه» وجوب رجوعه إلى المتعارف ، بمعنى أنّ القطّاع إذا قطع بشيء من سبب ، فإن كان السبب من الأسباب المورثة للقطع للمتعارف من الناس إذا حصلت عندهم على النحو الذي حصلت عنده يعمل حينئذ بقطعه. وإن كان من الأسباب التي تورث الظنّ للمتعارف منهم يبنى على حكم الظنّ. وإن كان ممّا لا يورث شيئا منهما يعمل بحكم الشاكّ ممّا تقتضيه الاصول والقواعد. وكذلك لو لم يكن هنا متعارف ، بأن كان ممّا يورث القطع لبعضهم والظنّ لآخر والشكّ لثالث.
وثانيها : أن يريد إلغاء القطع وملاحظة السبب في نفسه ، بأن يفرض نفسه جاهلا ثمّ يلاحظ السبب في حدّ ذاته ، فإن كان ممّا يفيد القطع في نفسه أو الظنّ أو لا يفيد شيئا منهما يعمل بمقتضاه. والفرق بينه وبين سابقه واضح بالتأمّل.
وثالثها : أن يريد الجمع بين مقتضى قطعه ومقتضى الاصول والقواعد المقرّرة للشاك. ولعلّ الوجه الأوّل أقرب من الوجوه التي ذكرها المصنّف رحمهالله.
وكيف كان ، فعلى تقدير إرادة أحد هذه الوجوه يرد عليه ما أورده المصنّف رحمهالله على الوجه الأوّل من الوجوه التي ذكرها للاحتمال الثاني ، إذ لا يعقل تكليف القاطع بخلاف قطعه إلّا برفع اليد عن الواقع المقطوع به ، وإلّا يؤدّي إلى التناقض ، مضافا إلى ما يرد على الثالث من لزوم الجمع أحيانا بين الضدّين أو