نعم ، يمكن أن يقال : إنّهم قد تسامحوا في إطلاق الإجماع على اتّفاق الجماعة التي علم دخول الإمام عليهالسلام فيها ؛ لوجود مناط الحجّية فيه وكون وجود المخالف غير مؤثّر شيئا. وقد شاع هذا التسامح بحيث كاد أن ينقلب اصطلاح الخاصّة عمّا وافق اصطلاح العامّة إلى ما يعمّ اتّفاق طائفة من الإماميّة ، كما يعرف من أدنى تتّبع لموارد الاستدلال.
بل إطلاق لفظ «الإجماع» بقول مطلق على إجماع الإماميّة فقط ـ مع أنّهم بعض الامّة لا كلّهم ـ ليس إلّا لأجل المسامحة ؛ من جهة أنّ وجود المخالف كعدمه من حيث مناط الحجّية.
وعلى أيّ تقدير : فظاهر إطلاقهم إرادة دخول قول الإمام عليهالسلام في أقوال المجمعين بحيث يكون دلالته عليه بالتضمّن ، فيكون الإخبار عن الإجماع إخبارا عن قول الإمام عليهالسلام ، وهذا هو الذي يدلّ عليه كلام المفيد (١١) والمرتضى وابن زهرة والمحقّق (١٢) والعلّامة والشهيدين (١٣) ومن تأخر عنهم (١٤).
وأمّا اتّفاق من عدا الإمام عليهالسلام بحيث يكشف عن صدور الحكم عن الإمام عليهالسلام بقاعدة اللطف كما عن الشيخ رحمهالله (١٥) ، أو التقرير كما عن بعض المتأخّرين (٢٩٣) ، أو بحكم العادة القاضية باستحالة توافقهم على الخطأ مع كمال بذل الوسع في فهم الحكم الصادر عن الإمام عليهالسلام ، فهذا ليس إجماعا اصطلاحيّا ، إلّا أن ينضمّ قول الإمام عليهالسلام ـ المكشوف عنه باتّفاق هؤلاء ـ إلى أقوالهم ، فيسمى المجموع «إجماعا» بناء على ما تقدّم من المسامحة في تسمية اتّفاق جماعة مشتمل على قول الإمام عليهالسلام إجماعا وإن خرج عنه الكثير أو الأكثر فالدليل في الحقيقة هو اتّفاق من عدا الإمام عليهالسلام والمدلول الحكم الصادر عنه عليهالسلام نظير كلام الإمام عليهالسلام ومعناه.
______________________________________________________
٢٩٣. هذا ما ذكره بعض المتأخّرين في مقام الانتصار لطريقة الشيخ على ما حكي عنه ، لأنّ الاستكشاف عن رضا المعصوم عليهالسلام فيما ظهر بين الامّة قول ولم يظهر فيه مخالف ، تارة من حيث وجوب الردع عن الباطل على الإمام عليهالسلام لو كان ما اشتهر باطلا في الواقع ، واخرى من حيث تقريرهم ما اشتهر بينهم. والحاصل :