فالنكتة في التعبير عن الدليل بالإجماع ـ مع توقّفه على ملاحظة انضمام مذهب الإمام عليهالسلام الذي هو المدلول إلى الكاشف عنه ، وتسمية المجموع دليلا ـ : هو التحفّظ على ما جرت (٢٩٤) عليه سيرة أهل الفنّ من إرجاع كلّ دليل إلى أحد الأدلّة المعروفة بين الفريقين ، أعني الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، ففي إطلاق الإجماع على هذا مسامحة في مسامحة (٢٩٥) ، وحاصل المسامحتين : إطلاق الإجماع على اتّفاق طائفة يستحيل بحكم العادة خطأهم وعدم وصولهم إلى حكم الإمام عليهالسلام.
والاطّلاع على تعريفات الفريقين واستدلالات الخاصّة وأكثر العامّة على حجّية الإجماع ، يوجب القطع بخروج هذا الإطلاق عن المصطلح وبنائه على المسامحة ؛ لتنزيل وجود من خرج عن هذا الاتّفاق منزلة عدمه ، كما قد عرفت من السيّد والفاضلين قدّست أسرارهم : من أنّ كلّ جماعة ـ قلّت أو كثرت ـ علم دخول قول الإمام عليهالسلام فيهم ، فإجماعهم حجّة. ويكفيك في هذا ما سيجيء من المحقّق الثاني
______________________________________________________
أنّ اعتبار الإجماع إنّما هو من حيث دلالته على قول الإمام عليهالسلام. وهي إمّا بالتضمّن ، كما هو مقتضى طريقة القدماء ، أو بالالتزام والكشف واللزوم ، إمّا بضميمة قاعدة اللطف ، كما هو مقتضى طريقة الشيخ ، أو التقرير كما عن المتأخّرين ، أو بضميمة العادة ، كما هو مقتضى طريقة أكثر المتأخّرين.
٢٩٤. لمراعاة هذه الطريقة قد ذكر المحقّق القمّي رحمهالله عند بيان موضوع علم الاصول : أنّ الاستصحاب إن أخذ من الأخبار فداخل فيها ، وإن أخذ من العقل فداخل فيه.
٢٩٥. لأنّ الإجماع حيث كان مصطلحا في اتّفاق جميع العلماء الذين يدخل فيهم الإمام عليهالسلام من باب التضمّن ، فإطلاقه على اتّفاق جماعة أحدهم الإمام عليهالسلام مسامحة ، وعلى اتّفاق من عداه مسامحة أخرى ، إلّا أنّ المسامحة الثانية قد جمعت المسامحة الاولى أيضا ، لأنّ المسامحة في الإطلاق الثاني تارة من حيث عدم إطلاقه على اتّفاق الجميع ، فمن هذه الجهة شارك الأوّل ، واخرى من حيث عدم دخول الإمام عليهالسلام في المجمعين ، ومن هذه الجهة فارقة.