أصلا ، وحينئذ قد يستحقّ عليه (*) الثواب ، كما إذا عمل به على وجه الاحتياط وقد لا يستحقّ ، كما اذا عمل به على وجه التّشهي والاقتراح.
هذا ، ولكن حقيقة العمل بالظنّ هو الاستناد إليه في العمل والالتزام بكون مؤدّاه حكم الله في حقّه ، فالعمل على ما يطابقه بلا استناد إليه ليس عملا به ، فصحّ أن يقال : إنّ العمل بالظنّ والتعبّد به حرام مطلقا ، وافق الاصول أو خالفها ، غاية الأمر أنّه إذا خالف الاصول يستحقّ العقاب من جهتين : من جهة الالتزام (**) والتشريع ، ومن جهة طرح الأصل المأمور بالعمل به حتّى يعلم بخلافه.
وقد اشير في الكتاب والسنّة إلى الجهتين : فممّا اشير فيه إلى الاولى (١٩٣) قوله تعالى : (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) بالتقريب المتقدّم ، وقوله عليهالسلام : «رجل قضى بالحق وهو لا يعلم». وممّا اشير فيه إلى الثانية (١٩٤) قوله تعالى : (إِنَ
______________________________________________________
عن التمسّك بقاعدة الاشتغال ، بل مانع منه كما لا يخفى.
١٩٣. وجه الإشارة في الآية أنّه قد تقدّم أنّ المراد بالافتراء فيها نسبة حكم إلى الله من دون إذن فعلي منه تعالى فيه ، وغير خفيّ أنّ هذا المعنى لا ينطبق على المعنى الثاني للعمل بالظنّ ، أعني : مجرّد جعل العمل على طبقه من دون استناد إليه وتعبّد به ، إذ المقصود بالافتراء في الآية نسبة الحكم إليه تعالى على وجه إبراز الموهوم أو المظنون أو المقطوع بالعدم في صورة المعلوم ، وهو ليس إلّا معنى التعبّد بغير العلم.
ومن هنا يظهر وجه الإشارة في الرواية أيضا ، إذ القضاء بالحقّ بغير علم لا يكون إلّا بهذا الوجه ، لأنّ القضاء وإن كان هو قطع الخصومات في الموارد الشخصيّة ، إلّا أنّه يتضمّن نسبة الحكم الكلّي إلى الله تعالى على الوجه المذكور لا محالة.
١٩٤. وجه الإشارة في الآية كونها واردة في مقام الذمّ على العمل بالظنّ من حيث مخالفة عمله للواقع ، وهو إمّا العلم أو الأمارات والاصول المعتبرة شرعا ،
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «عليه» ، عمله.
(**) في بعض النسخ : بدل «الالتزام» ، الافتراء.