.................................................................................................
______________________________________________________
مثل المقام كما سيأتي في مسألة البراءة ، فلا بدّ له من الالتزام بوجوب الأخذ بالاعتقاد الجزمي وعدم جواز العمل بالظنّ. نعم ، من قال بالتخيير في تلك المسألة يجوز له العمل بالظنّ هنا ، لكون المقام من جزئيّات تلك المسألة. ويظهر من قوله في ذيل الجواب الثاني : «فلا يحتاج إلى تكلّف أنّ التكليف ...» تقرير آخر للأصل ، فتدبّر.
وكيف كان ، فقد أجاب عنه المصنّف رحمهالله أوّلا : بأنّ ما ذكر من القولين ـ من الأخذ بالمتيقّن لقاعدة الاشتغال ، أو الحكم بالتخيير لقاعدة البراءة ـ فيما دار الأمر فيه بين التعيين والتخيير إنّما هو في الأحكام التعبّدية دون العقليّة ، لأنّ الاولى هي التي يمكن فيها حصول الشكّ ودوران الأمر بين الأمرين ، بخلاف الثانية ، لأنّ الحاكم فيها حيث كان هو العقل فلا يمكن الإجمال في موضوع حكمه حتّى يحصل بسببه التردّد في حكمه ، كما أشار إليه في مسألة البراءة والاستصحاب ، لأنّ العقل لا يحكم بشيء إلّا بعد إحراز جميع قيود موضوعه ، فإن كان موضوعه جامعا لجميع قيوده يستقلّ بحكمه ، وإن كان فاقدا لبعضها أو كان العقل جاهلا بذلك فهو لا يحكم فيه بشيء أصلا والحاكم بوجوب المعرفة لمّا كان هو العقل ، لكون وجوب المقدّمة عقليّا لا شرعيّا ، لا يتصوّر الإجمال في موضوع حكمه ، وأنّ ما حكم بوجوبه هو مطلق الاعتقاد أو الاعتقاد الجزمي ، ليكون موردا لقاعدة الاشتغال أو البراءة ، بل هو حاكم بوجوب تحصيل مطلق الاعتقاد أو خصوص الاعتقاد الجزمي من دون شكّ وتردّد أصلا.
وثانيا بما حاصله : أنّ الكلام في المقام إنّما هو فيما كان الظنّ مخالفا للاصول والقواعد المعتبرة شرعا ، إذ لا أثر للخلاف في الموافق للأصل ، لكون العمل بالظنّ حينئذ عملا بالأصل. وحينئذ فالتمسّك في إثبات حرمة العمل بالظنّ المخالف للأصل بقاعدة الاشتغال المبنيّة على حرمة المخالفة الاحتماليّة للتكليف الثابت يقينا ، وترك التمسّك بكون العمل بالظنّ مخالفة قطعيّة للأصل الجاري في مورده ، أشبه