دون العلم بوروده من الشارع.
ومنها : أنّ الأمر في المقام دائر بين الوجوب والتحريم ، ومقتضاه التخيير أو ترجيح جانب التحريم ؛ بناء على أنّ دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة.
وفيه : منع الدوران ؛ لأنّ عدم العلم بالوجوب كاف في ثبوت التحريم (١٩١) ؛ لما عرفت من إطباق الأدلّة الأربعة على عدم جواز التعبّد بما لم يعلم وجوب التعبّد به من الشارع ؛ ألا ترى أنّه إذا دار الأمر بين رجحان عبادة وحرمتها ، كفى عدم ثبوت الرجحان في ثبوت حرمتها.
ومنها : أنّ الأمر في المقام دائر بين وجوب تحصيل (١٩٢)
______________________________________________________
من أمارة مفسده ، ثمّ تمثيلهم له بشمّ الطيّب وأكل التفّاح ، ظاهر في اختصاص النزاع بمثل المآكل والمشارب والملابس ممّا ينتفع به ، ولا ريب في عدم كون التعبّد بالظنّ في مقام امتثال التكاليف من قبيل ذلك. وهذا الوجه لا دخل له فيما أورده المصنّف رحمهالله ثانيا ، لأنّ ما ذكرناه إنّما هو مع قطع النظر عن استقلال العقل بحرمة العمل بالظنّ ، فتدبّر. مع أنّ الحجّية من أحكام الوضع ، والإباحة من الأحكام التكليفيّة ، فكيف تثبت بالأصل المذكور؟ اللهمّ إلّا أن يمنع كون أحكام الوضع مجعولة كما سيأتي في محلّه.
١٩١. لأنّ الموجب إنّما يوجب العمل بالظنّ لأجل قيام دليل عليه ، فمع عدمه والشكّ فيه فاستلزام التعبّد بما لم يعلم التعبّد به من قبل الشارع للتشريع كاف في إثبات الحرمة.
١٩٢. حاصله : أنّ معرفة الأحكام الشرعيّة واجبة إمّا نفسا كما يراه جماعة ، أو من باب المقدّمة والتوصّل إلى امتثال الأحكام الواقعيّة كما هو الحقّ. وعلى كلّ تقدير فالتكليف ثابت ، والشكّ إنّما هو في كون المكلّف به تحصيل الاعتقاد الجزمي المانع من النقيض أو مطلق الاعتقاد ، فيكون المقام من قبيل ما أحرز الوجوب وشكّ في متعلّقه تعيينا أو تخييرا ، فمن قال بالاحتياط والأخذ بالمتيقّن في