.................................................................................................
______________________________________________________
وهذا محصّل ما ذكره في المقام. وظاهره تسليم جريان الأصل في المقام ، إلّا أنّه ادّعى كون ثبوت الحرمة بمجرّد عدم العلم مغنيا من إحراز عدم الحجّية بالأصل. وأنت خبير بما فيه ، إذ حرمة التعبّد بالظنّ ليست من الآثار الشرعيّة المرتّبة على عدم الحجّية في الواقع ، بل هي من آثار التعبّد بالظنّ من دون علم بحجّيته من حيث كونه تشريعا ، فاستصحاب عدم الحجّية لا يترتّب عليه حكم شرعيّ أصلا ، وسيأتي في محلّه عدم جريان الاستصحاب فيما لا يترتّب عليه حكم شرعيّ.
نعم ، تحقّق موضوع التشريع كما يترتّب على عدم العلم بالحجّية ، كذلك يترتّب على العلم بعدم الحجّية أيضا ، فتكون حرمة التعبّد حينئذ مرتّبة على المستصحب بواسطة تحقّق موضوع التشريع به.
وحينئذ قوله : «إنّ الأصل وإن كان ذلك» إن أراد به كون الأصل مثبتا للحرمة بلا واسطة فقد عرفت ضعفه. وإن أراد كونه مثبتا لها ولو بالواسطة ، فهو وإن كان متّجها ويؤيّده أيضا التعبير بعدم الحاجة إلى التمسّك بالأصل ، لما عرفت من تحقّق الحرمة بمجرّد عدم العلم من دون حاجة إلى إثبات عدم الحجّية ، إلّا أنّه إنّما يتمّ على القول بالاصول المثبتة ، وهو غير مرضيّ عند المصنّف رحمهالله. ومع التسليم فقد عرفت كون مجرّد عدم العلم بالحجّية علّة تامّة لحرمة التعبّد بالظنّ ، وعليه يكون الظنّ المشكوك الاعتبار معلوم الحكم. وحينئذ إن أراد باستصحاب عدم الحجّية إثبات هذه الحرمة الناشئة من عدم العلم بالحجّية فهو تحصيل لحاصل. مع أنّ الحرمة الثابتة بالأصل من آثار عدم الحجّية المستصحب بالفرض ، وهذه الحرمة من آثار عدم العلم بالحجّية ، فيتغاير موضوعهما ، فكيف يقال باتّحاد حكمهما؟ وإن أراد به إثبات حرمة اخرى ، فهي تحتاج إلى موضوع آخر ، لما عرفت من عدم إمكان عروض هذه الحرمة لموضوع عدم العلم. ومع تسليمه يستلزم ذلك حرمة التعبّد بالظنّ من وجهين ، وهي معلومة الفساد.