منها : أنّ الأصل عدم الحجّية ، وعدم وقوع التعبّد به وإيجاب العمل به. وفيه : أنّ الأصل وإن كان ذلك (١٨٨) إلّا أنّه لا يترتّب على مقتضاه شيء ؛ فإنّ حرمة العمل (*) يكفي في موضوعها عدم العلم بورود التعبّد ، من غير حاجة إلى إحراز عدم ورود التعبّد به ليحتاج في ذلك إلى الأصل ثمّ إثبات الحرمة.
والحاصل : أنّ أصالة عدم الحادث إنّما يحتاج إليها في
______________________________________________________
نفي الحكم الواقعي الذي اريد تحصيل الظنّ بامتثاله ، فهو ليس محلّا لها ، لفرض ثبوت التكليف إجمالا بالأحكام الواقعيّة. وأمّا قياس الفروع على الاصول فهو قياس مع الفارق ، لإمكان كون تحصيل الاعتقاد باصول العقائد واجبا نفسيّا موردا للثواب والعقاب ، فيكون موردا للبراءة ، بخلاف تحصيل الاعتقاد بالفروع ، لكونه من باب المقدّمة يقينا. نعم ، يتمّ القياس لو كان تحصيل الاعتقاد مطلقا من باب المقدّمة ، فتدبّر.
١٨٨. لأنّ مرجعه إلى الاستصحاب العدمي في الحوادث المشكوكة ، إذ حجّية الظنّ والتعبّد به وإيجاب العمل به من الامور الحادثة فيستصحب عدمها ، فيثبت به ما كان مرتّبا على عدم هذا الحادث المشكوك فيه ، وهي حرمة العمل بالظنّ.
وحاصل الجواب : أنّ المقصود من استصحاب عدم الحجّية إثبات حرمة العمل بالظنّ ، ويكفي في ثبوتها مجرّد الشكّ وعدم العلم بالحجّية من دون حاجة إلى إثبات عدم الحجّية ، وذلك لأنّ وجوب التعبّد بالظنّ وإن كان من الآثار الشرعيّة المرتّبة على الحجّية الواقعيّة ، ولا بدّ في إثباته من العلم بالحجّية وجدانا أو شرعا ، إلّا أنّ حرمة التعبّد به يكفي في إثباتها عدم العلم بحجّيته ، لكون التعبّد به من دون علم بحجّيته تشريعا محرما ، فلا يحتاج في إثبات حرمة التعبّد به إلى إحراز عدم كونه حجّة ولو بالأصل.
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : بالظنّ.