وأمّا الكلام في اشتباهه من حيث الشخص المكلّف بذلك الحكم ، فقد عرفت أنّه يقع تارة في الحكم الثابت لموضوع واقعي مردّد بين شخصين ، كأحكام الجنابة المتعلّقة بالجنب المردّد بين واجدي المني ، وقد يقع في الحكم الثابت لشخص من جهة تردّده بين موضوعين ، كحكم الخنثى المردّد بين الذكر والانثى.
أمّا الكلام في الأوّل ، فمحصّله : أنّ مجرد تردّد التكليف بين شخصين لا يوجب على أحدهما شيئا ؛ إذ العبرة في الإطاعة والمعصية (١٣٨)
______________________________________________________
الفعل الفلان واجب أو حرام ، إذ الشبهة الحكميّة بحسب اصطلاحهم أعمّ ممّا كان الاشتباه من حيث الوجوب والحرمة مثلا أو مفهوم متعلّقهما. وعلى الثاني أعمّ ممّا كان الاشتباه ناشئا من الاشتباه في مصاديق الوجوب والحرمة مثلا ، أو من الاشتباه في مصاديق متعلّقهما ، لكون ذلك أيضا موجبا لاشتباه الحكم الجزئي بالعرض ، وممّا كان الاشتباه ناشئا من الجهتين. وهذه أقسام ستّة من الأقسام الثمانية المتقدّمة في أصل التقسيم ، مندرجة تحت قوله : «هذا كلّه في اشتباه الحكم ...». نعم ، ربّما يتوهّم اختلال في العبارة ، من حيث عدم شمولها للشبهات المصداقيّة من الأقسام الستّة المذكورة. وقد عرفت ما فيه. ثمّ إنّه أشار إلى القسمين الباقيين بقوله : «وأمّا الكلام في اشتباهه ...».
ثمّ المراد بقوله : «من حيث الفعل المكلّف به» إنّما هو مقابل اشتباه الحكم من حيث المكلّف ، فيشمل اشتباهه من حيث الفعل ، ومن حيث الطلب خاصّة ، بأن اريد من اشتباه الفعل أعمّ من اشتباهه من حيث الذات ومن حيث الصفة ، إذ كما يصدق أنّ الفعل المأمور به في مثل الظهر والجمعة مشتبه ، كذلك في الفعل المشتبه الحكم ، إذ يصدق أنّ هذا الفعل باعتبار حكمه الواقعي مشتبه ، فتدبّر.
١٣٨. الوجه فيهما واضح ، لعدم تحقّق موضوعهما عند العقلاء بدون العلم بتوجّه خطاب تفصيلي أو إجمالي مردّد بين خطابين فصاعدا إلى مكلّف خاصّ ، فمجرّد ورود خطاب من الشارع بأنّه يجب الغسل على كلّ جنب لا يوجب الغسل