.................................................................................................
______________________________________________________
فالعقل لا يفرّق بينها وبين الواقعة الواحدة في قبح المخالفة العمليّة. ووجه الفرق بين المقامين واضح ، لأنّه مع عدم قيام الدليل على حكم كلّ واقعة ، وكون الوقائع المتعدّدة من جزئيّات التكليف الواحد المعلوم إجمالا ومحتملاته ، تكون تلك الوقائع في نظر العقل في حكم واقعة واحدة ، فتقبح المخالفة فيها ، بخلاف ما لو قام الدليل عند كلّ واقعة ، لأنّه مع قيامه كذلك يصير كلّ واقعة في نظر العرف واقعة مستقلّة معلوما حكمها بالتفصيل ، فكأنّ تلك الوقائع حينئذ تخرج عندهم من أطراف العلم الإجمالي ، فلا يلاحظ حينئذ مخالفة العمل له عند ملاحظة مجموع تلك الوقائع.
هذا غاية توضيح ما ذكره المصنّف رحمهالله. وهو بعد لا يخلو عن نظر ، لأنّ المخالفة الالتزاميّة من حيث هي ـ على ما حقّق المقام ـ غير مانعة عن جريان الاصول ، والمانع إنّما هو لزوم المخالفة العمليّة في الوقائع المتعدّدة. فما نحن فيه من قبيل الموارد المذكورة في السؤال ، لفرض جريان الأصل عند كلّ واقعة مع قطع النظر عن لزوم المخالفة العمليّة في الوقائع المتعدّدة. فلا بدّ أن لا يكون قبح في هذه المخالفة أيضا.
والأولى في الجواب منع التخيير الاستمراري في مسألتي التقليد وتعارض الأخبار ، كما تحقّق في محلّه. ودعوى اختصاص قبح المخالفة العمليّة بما لو أذن الشارع من ابتداء الأمر فيها أو فيما يستلزمها. وليس الأمر كذلك في مسألتي العدول عن تقليد الميّت وغير الأعلم ، إذ وجوب العدول في الاولى عارض بسبب الموت. وأمّا في الثانية فالعدول فيها إلى تقليد الأعلم إن كان لأجل حدوث وجود الأعلم فكذلك أيضا ، لأنّ وجوب العدول حينئذ أيضا عارض لذلك. وإن كان لأجل حدوث العلم بوجوده ، بأن قلّد غير الأعلم جهلا أو غفلة عن وجود الأعلم ، فتقليد غير الأعلم حينئذ باطل من ابتداء الأمر ، بناء على وجوب تقليد الأعلم ، وإن كان معذورا في حال الجهل والغفلة.