ويمكن استفادة الحكم أيضا من فحوى أخبار التخيير عند التعارض. لكن هذا الكلام لا يجري في الشبهة الواحدة التي لم تتعدّد فيها الواقعة حتّى تحصل المخالفة العمليّة تدريجا ، فالمانع في الحقيقة هي المخالفة العمليّة القطعيّة ولو تدريجا مع عدم التعبّد بدليل ظاهري ، فتأمّل جدّا (١٢٩). هذا كلّه في المخالفة القطعيّة للحكم المعلوم إجمالا من حيث الالتزام ، بأن لا يلتزم به أو يلتزم بعدمه في مرحلة الظاهر إذا اقتضت الاصول ذلك.
وأمّا المخالفة العمليّة (١٣٠) : فإن كانت لخطاب تفصيلي ، فالظاهر عدم
______________________________________________________
١٢٩. لعلّ الأمر بالتأمّل إشارة إلى ما تقدّم عند شرح قوله : «وأمّا الشبهة الحكميّة ...» من ضعف التفصيل المذكور.
١٣٠. اعلم أنّ مخالفة العمل إمّا لخطاب معلوم بالتفصيل ، وإمّا لخطاب مردّد بين خطابين. وعلى التقديرين إمّا أن تكون الشبهة حكميّة ، أو موضوعيّة. والأمثلة واضحة ممّا ذكره. ولكن فرض مخالفة العمل لخطاب معلوم بالتفصيل مع كون الشبهة حكميّة لا يخلو عن إشكال ، إذ الخطاب التفصيلي لا يتحقّق إلّا بالعلم بالحكم وموضوعه ومتعلّقاتهما ، ومع ذلك لا يمكن فرض الشبهة بحسب الحكم.
نعم ، يمكن تحقّق الشبهة حينئذ بحسب مصاديق موضوع الحكم ، كما في الشبهة المحصورة ، ولكنّها خارجة من محلّ الفرض. ففرض مثال القصر والإتمام من قبيل ذلك كما ترى ، لكون مخالفة العمل فيه لخطاب مردّد بين خطابين ، أعني : وجوب القصر أو وجوب الإتمام. وهكذا في الظهر والجمعة.
وتحقيق المقام في دفع الإشكال : أنّ المراد من الخطاب التفصيلي في المقام أعمّ ممّا كان الخطاب مبيّنا بحسب الموضوع والمحمول ومتعلّقاتهما ، كما في أحد قسمي الشبهة الموضوعيّة ، وممّا كان الخطاب في الكتاب أو السنّة مرتّبا على عنوان عامّ جامع بين شيئين علم وجوب أحدهما أو حرمته كما في المثالين. وبعبارة اخرى : أنّ المدار في وجود الخطاب التفصيلي إنّما هو على زعم أهل العرف بوجوده ، لكونهم قاطعين بوجوده في المثالين ، وهو الأمر بالصلاة في الكتاب و